اقليم تهامة ـ المحرر السياسي
حين نتحدث عن الشرعية، فنحن لا نتحدث عن كيانٍ عابر، بل عن مظلة جامعة، وإطار نضالي يمثل المعركة السياسية والأخلاقية ضد المشروع الانقلابي الكهنوتي ،إنها العنوان الذي نخوض تحته معركة الجمهورية، ولا يمكن أن نفرط به أو نساوم عليه، مهما بلغت التحديات ومهما اشتدت العواصف. هذا موقف راسخ لا لبس فيه..
لكن التمسك بالشرعية لا يعني الصمت المطبق إزاء أخطائها الجسيمة، فالنقد المسؤول لا يعد خروجا عن الصف، بل هو في حقيقته فعل حرص وحرية، ينطلق من الإيمان بأهمية تقويم المسار، لا تقويض الأصل ،فحين ننتقد مثلا قرار تعطيل الاحتفال بذكرى الوحدة اليمنية، فذلك لا يعني طعنا في الشرعية، بل نابع من شعورٍ وطنيٍ غاضب، يخشى أن يقرأ الشارع هذا الصمت على أنه قبول بالتفريط في الثوابت، أو تواطؤ مع من يريدون طمس الهوية الوطنية الجامعة..
إن السكوت عن مثل هذا القرار، وهو قرار فادح بكل المعايير، يفتح المجال أمام أدوات الانقلاب لتوظيف الحدث وتضليل الناس، ويعطيهم فرصة للظهور بمظهر الحريصين على الثوابت الوطنية، وهم أبعد ما يكونون عنها ،فهل نسمح نحن بهذ..ا؟ وهل يصح أن يكون الدفاع عن الشرعية سببا في تجاهل مشاعر الناس وغضبهم المشروع..؟
نحن لا نسقط الشرعية، بل نطالبها بأن تكون على قدر المسؤولية التاريخية. وإن كنا نرفض جلدها، فنحن كذلك نرفض تحويلها إلى كيان محصن من النقد والمساءلة، لأن في ذلك ضررا يفوق ضرر النقد ذاته ،فالنقد البناء، عند وقوع الخطأ، هو أحد سبل تعزيز الشرعية لا تقويضها، وتصويب المسار لا الخروج عليه..
علينا ان نعي مفهوما في غاية الاهمية هو،أن شرعية اليوم ليست شرعية الأمس ،فالشرعية قد تحولت خلال السنوات الماضية من شرعية نضال الى شرعية حكم ،فيما منهجيتنا للتعاطي معها لم يتغير..!
ان منهجية عدم المساس بالشرعية التي قد تحولت الى “شرعية حكم” في ظل استمرار الانقسام السياسي الحاصل والذي قد يطول لعدة سنوات لايصح انتهاجها ،اذ ستخلق لنا كيانا مقدسا في نظر الشارع ،وحين نحتاج يوم من الايام لانتقادها لانسطيع فعل ذلك..!
نعم – نتمسك بالشرعية لأنها خيارنا الوحيد، لكنها لن تقوى إلا إذا واجهت غضب الشارع بالحكمة، لا بالتجاهل؛ وبالإصلاح، لا بالجمود؛ وبالعودة إلى الثوابت، لا التنصل منها ،فالشرعية ليست كيانا معصوما، بل منظومة بشرية قابلة للصواب والخطأ، ومسؤوليتنا الوطنية أن نكون معها حين تصيب، وأن ننبهها حين تضل الطريق..