اقليم تهامة ـ مارب
يا مأرب، يا سارية العز التي لم تنكس، ويا قبس الجمهورية المشتعل في زمن الظلمة، يا سفح التاريخ الذي ما هان، ويا راية اليمن التي لم تطو، أكتب إليك وقد تقوست الأقلام في حضرة صمودك، وجثت الكلمات خاشعة عند عتبات كبريائك..
أيتها الشامخة كجبل مراد، الطافحة بعنفوان سبأ، أيتها الحرة التي لم تستعبد، ولم تساوم، ولم تقايض الجمهورية بأوهام السلالة، ولا الوحدة بفتات المشاريع الممزقة ، أنت اليوم لست مدينة فقط، بل وطن قائم بذاته، جمهور من الكبرياء، شعب من العزيمة، ونشيد لا يموت..
مأرب، أيتها النبيلة…
لقد بت الوطن حين تلاشى في مدنه، وكنت الذاكرة حين نسي الناس نشيدهم، وكنت السارية الوحيدة التي لا تزال ترفع علم الوحدة عاليا، بينما المدن الأخرى تطفئ أنوارها وتخفي ملامحها خشية بطش أو طمع أو خذلان..
يا مأرب…
ها أنا أراك تتوشحين علم الوحدة كعروس ترتدي ثوب الشرف في ليلة الوطن، ترفعينه لا خشية من عدو، بل تحديا، لا نكاية في أحد، بل وفاء لأولئك الذين سقطوا شهداء وهم يهتفون: “وحدة، جمهورية، كرامة، حرية”..
احتفلي يا مأرب،
نيابة عن صنعاء التي صارت تهمس حين يحتاجها الوطن وتصرخ حين تحتاجها السلالة، وتنظر للأرض بدل أن ترفع رأسها، احتفلي يا مأرب نيابة عن عدن التي نكرت كما ينكر اللئيم دم أمه، ونيابة عن تعز التي أنهكتها المعارك الداخلية حتى لم تعد تفرق بين العدو والصديق..
احتفلي عن إب، عن حضرموت، عن صعدة التي كم عانقت الوحدة ذات صباح، وعن عمران التي كانت ذات يوم تحلم بجمهورية لا تقمع ،احتفلي يا مأرب عن كل من يجلس في بيته، وفي صدره علم لا يجرؤ على رفعه، وفي قلبه نشيد لا يستطيع أن ينشده، عن كل من لا يزال يسمع صوت أيوب وهو يغني للوحدة، لكنه يختنق بالصمت ،أوقدي شعلة النضال، وانثري في الأفق أعلام الجمهورية، وافرشي السماء برايات الوحدة، فصوتك اليوم ليس صوت مأرب فقط، بل صوت وطن بكامله يحاول أن يتنفس من خلالك..
مأرب…
إنك الوحدة، إنك اليمن، إنك الجمهورية، فكما صدح التاريخ ذات مرة باسمك في زمن الملكات والذهب والبخور، فليصدح اليوم باسمك في زمن النكوص والخذلان، ولتكوني أنشودة النصر الأخيرة التي لم تشوه، ولم تبع، ولم تخذل..
ارفعي رأسك، فأنت آخر الحصون، وأول الأمل، وأصدق العناوين…
أنت الآن – يا مأرب – لا تقفين فقط على أرض مأرب، بل على أرض اليمن كلها..
مأرب – أنت سارية الوطن وراية الوحدة..