اقليم تهامة – المحرر السياسي
سقوط الوحدة… ليس اليوم، ولا مع سقوط سيئون، بل منذ أن قرروا أن يبعدوا من حملوا البندقية لأجلها، ويبقوا من حملوا التفويض الورقي والابتسامة التلفزيونية..
سقطت الوحدة يوم أُجبروا قائد تحرير عدن نايف البكري على مغادرة عدن… نعم، محرر المدينة نفوه خارجها، بينما منحوا مفاتيحها لمن لم يشموا رائحة البارود ، وسقطت يوم حولوا ربان المقاومة إلى موظف في “شؤون الشباب والرياضة”… عقاباً له لأنه انتصر..!
وسقطت يوم أن اقصوا أحمد بن دغر من رئاسة الحكومة، لا لذنب إلا لأنه قرر أن يحكم… فسقط الحكم وبقيت الفوضى..
وسقطت يوم ان أُجبروا أحمد الميسري وزير الداخلية على حزم حقائبه، لأنه تجرأ وقال إنه وزير… في زمن لا مكان فيه للوزراء، بل للولاءات..
وسقطت يوم ان رحلوا صالح الجبواني من وزارة النقل… لأن الموانئ أصبحت أكبر من الوطن نفسه، وأكبر من حكومتها..
وسقطت الوحدة يوم ان أُبعدوا الشيخ حمود المخلافي، قائد تحرير تعز ومن صد جحافل الحوثي… كأن الوطن يطرد أبناءه ليفرغوا كراسيه لغيرهم..
وسقطت حين بدأت الإمارات بصناعة تشكيلاتها العسكرية الخاصة، خارج الجيش، خارج القانون، خارج المنطق… لكن داخل كل تفاصيل القرار..
وسقطت يوم ولدت الأحزمة الأمنية والنخب… التي لا تحمل من “الوطن” إلا اسم المنطقة التي ولدت فيها..
وسقطت يوم ان أُجبروا جيش الشرعية على التراجع من نهم وهو على أبواب صنعاء… لأن المطلوب لم يكن التحرير، بل إدارة المعركة كأنها مسرحية بطيئة الإيقاع..
وسقطت يوم ان قصفت الإمارات جيش الشرعية عند “العلم” وهو على أبواب عدن… ليتحول مشهد “تحرير العاصمة المؤقتة” إلى جريمة موثقة بالصوت والطيران..
وسقطت يوم ان استبدلوا الشرعية الانتخابية بتفويض سياسي أتى بالعليمي ومن حوله… سبعة تابعين لا يسمع لهم صوت إلا صدى الرضا الخارجي..
وسقطت يوم ان ألغت حكومة الشرعية يوم 22 مايو كيوم وطني… وكأن الوحدة تمحى بجرة قلم موظف، لا بجرة دماء شعب قاتل لأجلها..
وسقطت يوم ان سمحوا لطارق عفاش بتشكيل قوات خارج الشرعية… بينما الشرعية نفسها تبحث عن غرفة في فندق تبيت فيه..
وسقطت يوم ان تعاملوا مع الانقلاب الحوثي والانقلاب الانفصالي كانه“واقع” يجب التعايش معه… لا انه جرح يجب اقتلاعه..
وسقطت يوم ان قصفوا معسكرا في ميدي، وسقط معه عشرات من خيرة قادة الجيش الوحدويين… ليثبت الطيران “الصديق” أن الخطأ قد يتحول أحياناً إلى منهج عمل..
سقطت الجمهورية… وسقطت الشرعية… وسقطت الوحدة…
ثم جاءت الخاتمة الأكثر مرارة:
وهكذا… ظلوا يصفعون الوحدة مرة بعد أخرى، حتى لم يعد في وجهها موضع للصفعات، ومع ذلك ظل السياسيون يخرجون علينا بوجوه منعمة، يضعون فوقها “بودرة الوحدة” والشرعية ليغطوا تجاعيد الفشل..
لقد تدحرجت الجمهورية من جرف إلى واد ثم إلى هاوية، بينما صارت الشرعية كضيف ثقيل لا يريد أحد استضافته، ليغادوثر يوم امس رئيسها ذليلا منكسرا ، ومع ذلك ستجدونه لايزال يصر على الجلوس في الصفوف الأمامية في كل مناسبة..
أما الوطن… فقد تحول إلى “مشروع دولي معلق”، يوقع عليه الجميع إلا اليمني نفسه..
وفي النهاية، لم تسقط الوحدة لأن خصومها كانوا أقوياء…
بل سقطت لأن حماتها الحقيقيين طردوهم واحداً تلو الآخر، بينما بقي الصفاقون “الإداريون” الجدد يوزعون المناصب كما توزّع بطاقات العزاء..
“نأسف لإبلاغكم أن اليمن قد توفي… وسيدفن وفقاً لتوجيهات التحالف، وتعليمات الشرعية، ورضا حكومة الفنادق.”.. والله المستعان ،،
موقع إقليم تهامة الحدث والحقيقة