اقليم تهامة ـ خاص
في مشهد يعكس أسمى قيم التسامح والتعايش القبلي، أثبتت قبائل اليمن مرة أخرى أنها قادرة على تجاوز الأزمات والخلافات بروح الحكمة والشهامة ، فقد شهدت مدينة مأرب، يومنا هذا الاثنين، موقفاً مشرفاً سجّلته قبائل وادي عبيدة والمحويت، حين سلمت الأولى أحد أبنائها، المدعو صالح بن حمد بن شاهرة، للثانية بعد حادثة قتل العقيد محمد حسن الذيب…
لم يكن الموقف مجرد تسليم قاتل لأولياء الدم، بل كان درساً عملياً في الترفع عن الأحقاد وتغليب قيم العفو والتسامح. فرغم الجرح العميق الذي خلفته الحادثة، أظهرت قبائل المحويت، وفي مقدمتها أولياء الدم، قدراً عالياً من الحكمة والكرم حين أعلنت العفو عن القاتل، في حضور مشهود جمع قبائل وادي عبيدة، مشايخ اليمن، وعدداً كبيراً من الوسطاء…
هذا العفو لم يكن مجرد قرار، بل كان إعلاناً للانتصار على ثقافة الثأر والتأكيد على أن الدماء لا يمكن أن تُطفئ إلا بتغليب المصلحة العامة وروح الأخوة التي تجمع أبناء القبائل اليمنية…
يستحق الوسطاء، بقيادة الشيخ عبدالله ربيش كعلان ورفاقه من مشايخ اليمن، إشادة خاصة على جهودهم الجبارة في رأب الصدع وحقن الدماء. فقد جسدوا بتدخلهم الحكيم روح القيم القبلية الأصيلة التي تضع المصالحة وجمع الكلمة فوق كل اعتبار…
لقد أثبت هؤلاء الوسطاء أن قبائل اليمن، رغم كل التحديات، ما زالت تمتلك رجالاً يعيدون للقبيلة هيبتها بوصفها رمزاً للحكمة والنبل ،ولم يكن ذلك ليتحقق لولا تكاتف الجميع، من قبائل عبيدة والمحويت، الذين قدموا نموذجاً ناصعاً في إدارة الأزمات…
ما حدث في مأرب ليس مجرد صلح قبلي، بل هو رسالة عميقة لكل أبناء اليمن، بأن وحدتنا وتسامحنا هما السبيل الوحيد لتجاوز المحن والصراعات ،كما أنه تأكيد على أن القبيلة اليمنية، رغم ما تمر به البلاد من تحديات، قادرة على الحفاظ على هويتها وقيمها التي تدعو إلى التسامح والتعايش..
في الختام، يحق لنا أن نرفع القبعات إجلالاً لهذا الموقف التاريخي الذي سطره أبناء قبائل عبيدة والمحويت، وللجهود المباركة التي قادها مشائخ عظام لتحقيق هذا الإنجاز العظيم،إنه مشهد يستحق أن يروى للأجيال القادمة كمثال حي على أن التسامح والعفو هما أعظم انتصارات الإنسان…
والله المستعان ،،