كتابات ا محمد جميح
مم يكن الحوثي في حقيقة الأمر مخطئاً وحسب، هذا نصف الحقيقة، نصف الإجابة، وربما نصف الكأس الممتلئ. لا تكتمل الحقيقة، ولا يمتلئ كأس المرارات، إلا إذا نظرنا إلى النصف الآخر من هذه الكأس، التي يتجرعها اليمنيون منذ سنوات طويلة.
الحوثي أو الحوثية ليست المرض، هو أو هي بالأحرى العَرَض الذي يشير إلى جذور مرضنا الاجتماعي والثقافي والطائفي والتعليمي.
لم يأت الحوثي من الفراغ، ولم يتمخض عنه العدم، إنه الابن الشرعي لإخفاقاتنا السياسية والاقتصادية، إخفاقاتنا في تحقيق أهداف ثورة سبتمبر 1962، إخفاقاتنا في التخلص من الموروث الاجتماعي والقبلي والمذهبي والطائفي، الموروث المتهالك الذي نحرص عليه حرصنا على رهن حياتنا اليوم لأقوام عاشوا في سالفات القرون.
لقد فشلت الأنظمة الجمهورية المتعاقبة – في اليمن- في تكريس قيم الجمهورية في البلاد، بعد أن خلع «الإماميون» الجُبَّة والعمامة، ولبسوا ربطة عنق أنيقة، وجاؤوا إلى صنعاء في 1968، ليحكموا في ثوب جمهوري، وبعقلية ملكية، متغلغلين باسم الجمهورية، في أجهزة القضاء والأوقاف، والجيش والأمن، وداسين رجالهم في المراكز الحساسة في السلكين الدبلوماسي والإداري للدولة، تاركين الفرصة لرئيس كي يقتل رئيساً، ولنظام لينقلب على نظام، ولحزب سياسي ليشتبك مع آخر، ولقبيلة لتضرب أخرى، فيما كانوا يتمكنون أكثر وأكثر من عصب الدولة، إلى أن حانت لحظة 21 سبتمبر 2014، يوم أن دخل الحوثيون صنعاء، ليجدوا أبناء عمومتهم من تلك العناصر الإمامية ترحب بهم، وتفتح لهم أبواب العاصمة، وتسير الأمور بسلاسة منذ اليوم الأول للانقلاب.