كتب : احمد عبدالملك المقرمي
عندما بدأت جماعة الحوثي الإيرانية في صعدة ترفع السلاح في وجه الدولة راح الرئيس السابق يؤجل معركة الحسم معها . بل إن شئنا الدقة حول الحروب المتعاقبة إلى فرص يوظفها في أكثر من اتجاه ، فمن ناحية يستجدي بها المال من الأشقاء و بالذات السعودية ، و من ناحية أخرى هدف إلى إضعاف و استنزاف الجيش الوطني الذي أدخله معها في حروب متعددة بهدف التمكين للحرس الجمهوري – الذي في النهاية خدم الحوثي وتركه – و من ناحية ثالثة كان يريد أن يجر القوى الوطنية وعلى رأسها الإصلاح للصدام مع مليشيات الحوثي بهدف إشغال القوى السياسية ؛ ليمضي هو في استكمال بناء مشروع التوريث . و قد كان معروفا أن الحرب تتوقف بين الجانبين باتصال تليفوني ، و تنشب باتصال آخر ، ناهيك عن الدعم بالسلاح للمليشيا حيث كان يعطيهم أضعاف ما كان يرسله لألوية الجيش الوطني.
إن ما جرى و يجري اليوم في اليمن سببه المباشر قرار المخلوع بعدم حسم المعركة؛ ليكون الوطن هو الضحية ؛ و ليدفع المخلوع نفسه رأسه ورصيده – إن كان بقي له رصيد – ثمنا أيضا .
و أثناء ثورة فبراير راحت مليشيا الحوثي تتمدد بقوة السلاح في بعض المحافظات فيتصدى لها مواطنون و قبائل ، فيستنجد هؤلاء بالدولة أيام حكومة الوفاق؛ لينبري وزير دفاعها البائس وطينة ، والبائع نقدا يردد أن الجيش يقف محايدا بين الطرفين ، فجعل التمرد طرفا و المواطنين الذين قاموا بواجب – هو في الأساس على الدولة – طرفا آخر !
هذا الحياد برز – حينها – بأقبح صوره يوم انكشفت سوءته للعلن حين غدر بعمران و غدر باللواء القشيبي .
تجاوزت المليشيات عمران ، ثم محافظة صنعاء، و بدأت تطرق أبواب العاصمة، و ظلت مقولة وزير الدفاع ( محمد ناصر ) بالوقوف على الحياد سارية ، رغم أنها موقف خياني فاضح ، و سانده عمل دعائي مغرض يقول بأن المليشيا إنما تستهدف الإصلاح والفرقة، وجامعة الإيمان و ستعود بعد ذلك على الفور – عبر الخط السريع – إلى صعدة .
و النتيجة أن الحياد و أصحاب المواقف الرخوة مهدوا الطريق للمليشيا بالوصول إلى عدن ، والفارق أن شلة الحياد عملت بمكر و تآمر و الآخرون خدعهم غباؤهم.
أنور عشقي و من على شاكلته يزينون – اليوم – للملأ تأجيل معركة الحسم مع مليشيات الحوثي الإيرانية، ويقترح حلا سطحيا بائسا، لن تكون نتيجته سوى تأجيل المعركة – التي لن نفرض على اليمن فحسب – ولكن ستجد دول المنطقة نفسها وجها لوجه أمام معركة تم تأجيلها لتنبعث من جديد بأسلوب أخبث و أشمل ، كما واجهت اليمن ما تعيشه اليوم من كوارث بسبب عدم حسم المعارك و المواقف .