كتب / احمد عبدالملك المقرمي
عصر يوم 2 ديسمبر الماضي – و هو اليوم الذي تفجر فيه الصراع بين حليفي الانقلاب ، و تحدثت يومها الأخبار عن سيطرة لطرف الرئيس السابق – ظهر ديبلوماسي يمني سابق على شاشة قناة فضائية، فيسأله المذيع في تلك القناة : هل تعتقد أن الإصلاح سيتحالف الآن مع الحوثيين ؟
كان الديبلوماسي إياه حافظا للدور المطلوب منه ، تخلى عن حصافته – إن كان يتمتع بشيئ منها أصلا – و تعامى عن الحقيقة الساطعة كالشمس ؛ إذ سارع بالتسليم للسؤال الذي أعاد إنتاجه على الفور إلى إجابة ، فقال : نعم نعم يمكن أن يتحالف معه و لا أستبعد ذلك !
نسي المسكين – أو أنه خاف إن يخرج عن تنفيذ الدور المطلوب منه – أن التحالف الانقلابي كان ما يزال قائما إلى ما قبل سويعات ، و نسي آلاف الضحايا ، و تناسى التنكيل الذي استهدف الإصلاح و الإصلاحيين خاصة ، و أن ما حل باليمن و اليمنيين عامة من بؤس و دمار إنما كان بأدوات ذلك التحالف الدموي ، بل ونسي المسكين حتى وضعه الشخصي الذي ألجأه إلى تقمص دور المحايد ليؤدي دوره تحت قناع الحياد ، و هو الحياد الذي سقط معه القناع تماما يوم 2 ديسمبر حين جلس على شأشة تلك القناة مجلس المنجم ، كما تعامى المسكين عن فعل الأدوات السياسية، و الأجهزة الإعلامية و الحرب المعلنة للتحالف الانقلابي التي كانت و ما تزال تعتبر الإصلاح العدو الأول لها .
الديبلوماسي غير الحصيف ، أو الذي سقط عنه قناع الحياد، لم يكن – للأسف – حالة نادرة ،
و لا هو الممثل الوحيد في مسرحية الحياد، و ليس وحده من راح يهرف بما لا يعرف ، و إنما كان على شاكلته كثير ممن تجندوا – رغبا و طمعا – للنيل من الإصلاح و التفرغ لشتمه ، فقد انتشر هؤلاء مثل مزوري العملة إلى تسويق و ترويج بضاعتهم المزيفة ، حيث رأس مالهم فيها هي العملة المزورة ، أو الفرية الزائفة أن التجمع اليمني للإصلاح يفاوض و يحاور الحوثيين !
يدرك هؤلاء جيدا أن الإصلاح ليس الحزب الذي يبتلع لسانه حين الحاجة إلى الكلمة الصريحة و الموقف الواضح، و يدركون أن الحروف لا تموت على لسانه لعثمة أو ترددا ، و أن حروف كلماته و مواقفه مأخوذة من ضوء الشمس ، و يعلمون جيدا أن رأسه نظيفة من الرمال التي تمتلئ بها رؤوس النعامات !
ليس هناك من موقف أوضح أو أكثر صراحة و شفافية في رفضه للمشروع الظلامي للحوثي من موقف الإصلاح .. و لم تكن هذه المواقف الصارمة و الواضحة له تجاه مليشيات الحوثي يوم 2 ديسمبر – فقط – و إنما كان و مايزال موقفامبدئيا و منذ وقت مبكر و بشتى الوسائل و على كافة الصعد و المنابر ، بحيث لا يستطيع ديبلوماسي مغمور أو محايد مشهور، أو متردد مفزوع أن ينال من الإصلاح أو يقلل من مواقفه.
إن المواقف المبدئية لا تتحول و لا تتبدل ، كما أنها تزدري مواقف الحياد ، ناهيك عن المزايدة و الابتزاز .
إن جبهات المواجهات بشتى صورها و مجالاتها خير شاهد بالمرابطين فيها ، الثابتين في مواقعها ، ممن لا يريدون من أحد جزاء و لا شكورا ، و إنما يمضون صابرين محتسبين و ما بدلوا تبديلا !