أخبار عاجلة
الرئيسية / الأخبار / أخبار محلية / بوصلة المؤتمر ..الى أين .. ؟!

بوصلة المؤتمر ..الى أين .. ؟!

اقليم تهامة – خاص

كتب / أبو محمد

تمكن الحوثي بعد اعلانه عن مقتل عفاش من حرف مسار تفكير أنصاره وجماهيره وإبعادهم عن لحظات رد الفعل والغضب الذي انتابهم لحظة مقتله بدفعهم نحو التفكير في الجزئيات التي تحكي عن مكان مقتله، والإختلاف حولها .. هل كان في المنزل، أم كان خارج المنزل؟ هل قُدّ قميصه من قُبل، أم قُدّ من دبر؟ وبدى حالهم كأنهم في حالة دفاع في جلسة من جلسات المحكمة ليس إلا.

نعم .. تم إستدراجهم في حديث غير ذي صلة بالموقف الذي كان من المفترض أن يولد من رحم الحدث نفسه، إن لم يكونوا قد فضلوا ذلك عن قصد تجنباً للإكتراث في رد الفعل، أو الإنزلاق في القرار الذي كان من المتوقع صدوره عن حزب المؤتمر تجاه هذه الحادثة ومرتكبيها.

المصير نفسه الذي لاقاه عفاش كان متوقعاً من قبل الكثير من المراقبين السياسيين وهم يتابعون السياسة التي اتخذتها الحوثية لسحب البساط من تحت أقدامه، بدايةً بالسيطرة على مخازن السلاح داخل كل معسكر، وسحبه إلى مخازن حوثية تحت مسميات “أماكن آمنة”، ولإمداد وتعزيز الجبهات، إنتهاءً بدمج تلك الألوية العسكرية بالمليشيات ووضع الجيش تحت قيادتها وإجراء تغييرات للعديد من القيادات التابعة لعفاش سعياً منها للقضاء على نفوذه داخل الجيش.

بهذه السياسة استطاع الحوثيين تجريد الجيش من السلاح تماماً فكان من السهل إحكام القبضة عليه كلياً، ليظهر الجيش في حالة انقسام بين فئتين هما:

– فئة مخلصة لـ”عفاش” وهذه بدورها وجدت في شكل جماعتين، الأولى جماعة تم إقصائها وتهميشها، فأدركت ماذا يريد الحوثي، وأختارت المكوث في منازلها، وهم من أستنجد بهم عفاش لحظة إنتفاضته، فتم القبض على الغالبية منهم وايداعهم السجون، والجماعة الثانية أختارت الإستمرار والمشاركة في القتال تحت ما سمي بـ”تحالف الحوثي وعفاش”، وهؤلاء طبعاً تم الخلاص منهم، من خلال الزّج بهم في معارك خاسرة، وتحديداً في المعارك الحدودية.

– أما الفئة الأخرى فقد اختارت الإنخراط في صفوف الحوثيين، والقتال معهم، وهؤلاء طبعاً تم اعادة بناء ولائهم من خلال العديد من الدورات الثقافية الحوثية، وتم تمكين الكثير منهم من قيادة الجيش وإدارة معاركه.

عفاش رجل عسكري أدرك معنى خسارته للجيش الذي تربى بعقيدة الولاء الكامل له، ولكنه أصبح مكتوف الأيدي غير قادر حتى على إنتقاد بعض الممارسات الحوثية وتصرفاتها، وبدأت تكال له الإتهامات من أن مشاركاته صورية.

بدأ عفاش بنهج سياسة إعلامية مكرسة لتوجيه أصابع الإتهام للحوثي وتحريض الشارع عليه من انه السبب في صنع المعاناة للمجتمع اليمني، كطريقة لتحصين جمهوره من الهرولة نحو أحضان الحوثية، فإذا كان قد خسر الجيش فإنه ليس مستعداً لخساره جمهوره، الذي يرى فيه مربط رهانه، بالإضافة الى التركيبة المشائخية التي كانت سنداً وقوة إضافية لحكمه، حيث رأى في هذه الأدوات أنهما البديل لتعويض خسارته للجيش، وأنه قادر على تحريكها لإدارة معاركه مع الحوثيين وتحقيق إنتصارات عظيمة، فما كان منه غير خوض معركة الإستعراضات الجماهيرية في ميدان السبعين بين حين وآخر.

تكمن المشكلة بأن جماهير عفاش والمشائخ والأدوات التي راهن عليها، هي نفسها كانت تراهن – في إمكانية انتصار عفاش فيما لو تصادم مع الحوثيين- على القوة العسكرية التي كانت تابعة له والمسماه بالحرس الجمهوري، ظناً منها انه لايزال مسيطر عليها، حيث لم يصارحهم عفاش بحقيقة الفشل الذريع للاتفاقات المبرمة بينهما، ولم يطلعهم على الوضع الذي وصل اليه، فلربما حتى لا ينفض الناس من حوله.

لم يكن مستبعداً أن تؤدي الإتفاقات القائمة بين الطرفين إلى النتيجة ذاتها من الإخفاق، ثم المواجهة، ولم تدار خلافاتهم خفية، بل الكثير يعلم أن ضغوطاً وإستفزازات متلاحقة قد مورست على عفاش لمواصلة طريق القضاء على نفوذه الإجتماعي والعسكري، بما في ذلك البقاء السياسي كرئيس لحزب المؤتمر.

وفي ظل تلك التطورات المتلاحقة، كان الحوثي يدرك أنها الطريق المؤدية لدفع عفاش، إما إلى الاستجابة لمطالبه الإستفزازية وهذا بالطبع سيساهم في تآكل نفوذه، أو إنفجار الموقف عسكرياً، وهي مواجهة غير متكافئة في ظل السيطرة الحوثية الأمنية على العاصمة صنعاء، والترتيبات التي أدارها الحوثي في شراء الذمم وإستقطابه لأهم أدوات رهانه وهم المشائخ.

ذهب عفاش في البداية باتجاه المناورة لتأجيل هذه المواجهة الحتمية قدر الإمكان، مع قيامه بنفس الوقت بترتيبات جديدة تحسباً لإقحامه في فخ المواجهة، إلا أن الحركة الحوثية شددت الخناق عليه، ووضعته تحت المجهر، و النظر اليه كحليف غير مؤتمن مستفيدة مما راكمته خبرة طويلة المدى في العمل المشترك مع حلفاء سابقين له.

كان وقع فشل الاتفاقيات وانفجار الموقف عسكرياً ومقتل عفاش والتي برزت على السطح فجأة، ثقيلاً على جماهير المؤتمر دحرتهم إلى زوايا الإحباط والشعور بالضعف والهوان، وتم تبرير هذه السرعة الحوثية في تطويق انتفاضة عفاش، من أن هناك ضوءاً أخضر من محيطه والمقربين منه، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات إن كان هناك شيء قد طبخ مبكراً لعفاش؟ إذ كيف للقبائل أن تصمت، وللكيان المؤتمري أن يغمض عينيه في حين لا يزال يمتلك سلاحاً ورجالاً ومال؟

هناك إرهابا يمارس ضد قيادة حزب المؤتمر، وبنفس الوقت هناك قيادات سارعت نحو تغيير لون وجهها، فأحبط الجمهور بصورة أكبر، وفقد الثقة بقيادته، ليفقد أمل النهوض مجدداً ضد الحركة الحوثية ليسقطوها.. هذا الوضع الجديد الذي أخذه حزب المؤتمر وبروز مؤشرات إنقسامه الى ثلاثة مكونات، الأول اتجه نحو المكون الداعم للشرعية، والثاني ربما سيستمر في تحالفه مع الحوثي فيما لو انتجت له قيادة، واذا لم تنتج له قيادة فإنه سيكون مرتع لاستقطاباتها، أما الثالث فقد أختار مناهضة الحوثية وبنفس الوقت عدم الإنضمام الى الشرعية و هو مكون قائم على رؤية إنتقامية وليست سياسية.

هذا المكون الأخير ربما يكون قد وضع نفسه في موضع المساومة وعدم رغبته في الإنضمام المجاني الى الشرعية، وهو الخط الذي اختاره عفاش في خطاب إنتفاضته ضد مليشيا الحوثي وكذا ضد ما أسماه بمليشيات هادي، ومع ذلك يمكن التوصل إلى اتفاقية إندماجه مع المكون الأول فيما لو وجد هناك حرص على وحدة الحزب وخاصة من قبل دول التحالف.

هذه الإنقسامات التي أخذها حزب المؤتمر في أصعب مراحله، ربما هي التي ستحافظ على بقائه واقفاً، حتى لو ظهرت قيادة جديدة للمكون التابع للحوثيين فإنه لن يستطيع لملمة جماهير المؤتمر الجريحة وهم يشعرون بأنهم هزموا في معركة مع حليف لم يكن شيئاً يذكر، وسيضيق تواجد هذا المكون وتأثيره مع تطورات الأوضاع وتحديداً السياسات السلبية التي تنتهجها الحوثية ضد المؤتمريين.

سيكون هذا الإنقسام غير مخيف بالنظر الى الورقة التي تحتفظ بها الإمارات والمتمثلة بنجل عفاش.
فنجل عفاش “احمد علي” بصفته العسكرية انتهى تماماً بإنتهاء سيطرة والده على ماكان يسمى بالحرس الجمهوري، ولم يعد له حاضنة عسكرية تستدعي عودته العسكرية، ولكن يمكن أن تكون عودته سياسية، بما له من تأثير سياسي بصفته الوريث الشرعي لوالده بما في ذلك المؤتمر في ظل ثقافة هرقلية تلتفت عند فقدانها لهرقل الى الإبن لإنتاج هرقل آخر.

و هذا الدور السياسي الذي من الممكن أن يلعبه النجل إذا تم خلال هذه المرحلة فسيصبح جزءا لا يتجزأ من صنع الإنقسامات التي سيشهدها حزب المؤتمر في ظل التجاذبات التي يشهدها من جميع الإتجاهات والجبهات القتالية والمشاريع الخارجية والداخلية وسيزيد من مخاطر إنقسامه بصورة كبيرة مما سيضعه في خطر وجودي.

الاحتمال كبير في بلورة سياسة للنجل ربما تكون قد صاغتها دولة الإمارات، بحيث تحافظ عليه و لا تضعه في جبهة ضد جبهة ولا حتى جبهة ثالثة، وإنما ترى أنه من الأفضل تحييده على الأقل الى مابعد القضاء على الحوثيين، ليسهل عليه الظهور كمنقذ لاحتواء الحزب، وسيكتسب قوة واضحة من حيث عدم وضع نفسه في أية سلة من سلال الإنقسامات المؤتمرية الجارية، وسيشكل إغراء كبير للمؤتمر وهو يبحث لنفسه عن مخرج ليقطع طريق تشرذمه، وهذا الدور المؤجل للنجل سيبقى ولن يتم التخلي عنه من قبل الإمارات مهما بلغت الضغوط عليها من قبل القيادة المؤتمرية الموالية للشرعية.

إن هذه السياسة ستقاوم بالطبع من خلال حركة الإستقطاب وبعض الإغراءات التي ستعتمدها السلطة الشرعية وبموافقة القوى المؤيدة لها بغرض التخفيف من حدة هذه السياسة التي ستعيد المؤتمر والبلاد الى المربع الأول.

الأمر في النهاية معقود على قدرة هادي التكتيكية من الناحية السياسية، فهل لديه القدرة والحذاقة السياسية الكافية للالتفاف على أي طبخة سياسية يتم تحضيرها لإلتهام المؤتمر وتحويله الى ركيزة من ركائز المشاريع التدميرية؟ هل لديه قدرة في صنع تحالف سياسي عريض مؤيد للشرعية يعطل مثل هذه السياسات ويشل مفعول تأثيرها، ويجبر المؤتمر لأن يكون جزء منها؟؟

وستفشل كل المحاولات بما فيها اللجوء الى عقد مؤتمر عام للحزب مستقبلاً، حيث سيكسب الرهان الرئيس هادي بنص النظام الداخلي للحزب بأن رئيس الجمهورية هو رئيس المؤتمر…!

شاهد أيضاً

وكيل محافظة مأرب يتفقد نقطة الفلج على طريق مأرب- البيضاء ويؤكّد جاهزيتها لتسهيل العبور منذ 3 أشهر

اقليم تهامة ـ مارب تفقد وكيل محافظة مأرب الدكتور عبدربه مفتاح، اليوم، ومعه مدير عام …