الرئيسية / الأخبار / أخبار محلية / المؤسسات الحوثية الخاصة بضحايا الحروب.. تناسل مستمر بهدف الجباية والتعبئة الطائفية والتحشيد للمعارك (تقرير)

المؤسسات الحوثية الخاصة بضحايا الحروب.. تناسل مستمر بهدف الجباية والتعبئة الطائفية والتحشيد للمعارك (تقرير)

اقليم تهامة ـ أحمد شبح

يتركز اهتمام قادة الجماعة الحوثية في جعل الحرب أسلوب حياة، ولذلك سعت وتسعى لبناء أوعية ومؤسسات تخدم استراتيجية المليشيا لخوض حروب بلا نهاية، وهذا ما يفسر تركيز الجماعة في الأعوام الثلاثة الماضية على صقل وتنظيم وسائل الجباية ومنافذها تحت مسميات عدة.
هيئة الزكاة، الأوقاف، الواجب المقدس، الشؤون الإنسانية والإغاثية، هيئة الشهداء، وغيرها من الهيئات والواجهات التي تتكئ عليها الجماعة للاستمرار في حروبها، ولإدارة مجتمع يعيش على النفقات والصدقات وما تتركه المليشيا من فتات للشعب ليبقى أسيراً بيدها توجهه إلى الموت، متى شاءت، مُجبراً في سبيلها خصوصاً وقد احتكرت المال العام والقطاع الخاص لسلالتها ومشروعها المذهبي.
إنشاء هيئات وواجهات متعددة باسم رعاية قتلى الجماعة وفرض جبايات متعددة لهذا الشأن، يشير إلى نزوع الجماعة لتأمين هذا الملف الذي يرهقها ويهدد بتفجيرها من الداخل نظراً للخسائر البشرية الهائلة بسبب اعتماد الميليشيا على تكتيك الدفع بموجات بشرية في المعارك، والاستراتيجية الايرانية “الدم يجلب النصر”.
نحاول في هذا التقرير تتبع منهجية وأساليب الجماعة في السطو على المؤسسات الرسمية ذات الصلة بضحايا الحروب، وإحلال مؤسسات المليشيا الخاصة بدلاً عنها، وواجهات الجماعة في هذا الملف، والجبايات المهولة التي تنهبها الجماعة تحت هذه المسميات المتعددة.

أنشأ الحوثيون واجهة حكومية جديدة لرعاية أسر قتلاهم، كلافتة لجباية الأموال وتوفير مصادر تمويل لتغطية فاتورة خسائرها البشرية وتأطير أسر الضحايا وأطفالهم داخل الجماعة وتحشيدهم في مشروعها الطائفي.
الخطوة الحوثية هي واحدة من سلسلة إجراءات اتخذتها الجماعة لإحلال ضحايا حروبها السابقة واللاحقة في هياكل ومؤسسات الدولة الواقعة تحت سطوتها، وتسكين عناصرها وأنصارها في كشوفات الجيش والأمن وموظفي القطاع العام وقاعدة بيانات المناضلين، واستكمال إحكام سيطرتها على الهيئات والمؤسسات الحكومية والاستحواذ على الصناديق العامة والأموال الخاصة بأسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية والجرحى والأسرى ومعاقي الحرب.
وأنشأت الميليشيا ما أسمتها “الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء” بموجب قانون أصدرته عبر مجلس النواب الخاضع لسيطرتها، بموجب مقترح جلال الرويشان، الذي ينتحل صفة نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن. وبحسب ما نشرته وكالة الأنباء الخاضعة للجماعة فقد تضمن المقترح المقدم لحكومة الحوثي (12 ديسمبر2021) مسودة مشروع قانون إنشاء هيئة لرعاية أسر الشهداء والأسرى والمعاقين ومناضلي الثورة، لتوحيد المؤسسات والجهات ذات الصلة بالشهداء والجرحى والأسرى والمصابين والمناضلين ودمجها في مؤسسة واحدة وفي كيان مؤسسي واحد. تضمن المشروع أيضا إنشاء صندوق لرعاية أسر الشهداء والأسرى والمصابين ومعاقي الحروب والمناضلين.
القانون الحوثي يحمل رقم (2) لسنة 2022م بشأن رعاية أسر الشهداء، ومنح الهيئة الجديدة صلاحيات واسعة منها الإشراف على مختلف الجهات والمؤسسات والهيئات المعنية بالضحايا، واحتكرت الهيئة لنفسها مهمة صرف الرعاية وإنشاء فروع في المحافظات.
وعينت الميليشيا القيادي، طه احمد أحسن جران، رئيسا للهيئة الجديدة، بقرار غير معلن ولم يتم الإفصاح عن أسماء بقية القيادات الذين تم تعيينهم في الهيئة.
وأصدرت الميليشيا من خلال هذه الهيئة عدة قرارات تضمنت إنشاء صندوق جديد للهيئة الوليدة وفرض رسوم على الجهات والمؤسسات العامة والخاصة والشركات التجارية وعلى عموم المجتمع لهذا الصندوق.
وحسب مصادر مطلعة فإن قانون صندوق الهيئة تضمن مصادر تمويلية من بينها: الدعم الحكومي، الهبات والتبرعات، وبند للدعم المخصص من الهيئة العامة للزكاة والهيئة العامة للأوقاف اللتان أنشأتهما الجماعة سابقا.
وطبقاً للمصادر، من بين الاستقطاعات والجبايات والبنود التي فرضتها الجماعة لتمويل لصندوق:
-نسبة ١% على كل علبة سجائر محلية.
-نسبة ٢% على كل علبة سجائر مستوردة.
-٥% ضريبة على القات؛ تضاف إلى الضريبة الحالية المفروضة. ومن هذا البند ستجني الجماعة مبالغ طائلة إذ أنها حالياً تجني ما يزيد عن 15مليار ريال.
-١% من ايرادات الاتصالات على كل فاتورة اتصالات بجميع أنواعها ثابت جوال دولي انترنت وكروت الدفع المسبق.
وقد بدأت الجماعة فعليا في فرض تلك الاستقطاعات وإلزام الجهات المعنية بتوريدها لصالح صندوق الهيئة. توضح وثيقة متداولة منسوبة للقيادي مسفر عبدالله النمير، منتحل صفة وزير الاتصالات الخاضعة للحوثي، قيام الجماعة بإلزام شركات الهاتف النقال العاملة في مناطق سيطرتها، بتوريد المبالغ المفروضة إلى حساب الصندوق الجديد.
الرسوم التي فرضتها الجماعة على شركات الاتصالات الخاضعة لها، باستقطاع ١% من اجمالي إيراداتها وتحويلها لصالح قتلاها، يمكن الجماعة من جني مبالغ مالية تقدر بحوالي 10مليون دولار. هذا عدا الاستقطاعات الكبيرة والمتعددة المفروضة على شركات الاتصالات تحت مسميات مؤسسة الجرحى، والمجهود الحربي وصندوق الزكاة وصناديق الشباب والمعاقين، والضرائب ورسوم التراخيص وغيرها.
مثلا، بالاعتماد على تقديرات إجمالي الإيرادات المعلنة لشركات الهاتف النقال (يمن موبايل، سبأفون، ام تي إن)، للعام 2018، وبحسب تقديرات دراسة بحثية أعدها سابقا الخبير في مجال الاتصالات محمد المحيميد، نجد أن الجماعة ستجني مبلغ خمسة مليون و417 ألف دولار سنويا. هذا المبلغ فقط لصندوق القتلى، وقبل إنشاء شركات الاتصالات الجديدة المملوكة للجماعة وبعض المستثمرين الموالين لها.
هذه الأموال المفروضة على الجهات والشركات، سيتحملها المواطن وستقوم الشركات بإضافتها على فواتير السلع والخدمات.
وتضاف هذه الجبايات إلى ما سبقها من استقطاعات على تلك الجهات وغيرها: للمجهود الحربي، القوة الصاروخية، الجرحى، صندوق المعاقين، صندوق الشباب، هيئة الزكاة، صندوق المعلمين، وغيرها.

واجهات متعددة

أنشأت الجماعة واجهات متعددة لإدارة وتمويل ملف الضحايا البشرية وتوفير أوعية وهمية وحكومية شكلية لتبييض الأموال وعوائد النهب والسلب والتستر على الدعم والتدفقات المالية الإيرانية ورسملة أنشطة ومشاريع الجماعة.
تدير هذا الملف عبر شبكة من قياداتها الذين يحملون صفات تنظيمية متداخلة، ويستخدمون أعمالهم الحركية لوضع أيديهم على المناصب المتعددة في الواجهات الداخلية والحكومية التابعة للجماعة. خليط من الصفات والازدواج لشبكة من الأسماء القيادية، القاسم المشترك بين معظمهم هو قدومهم من صعدة.

مؤسسة الشهيد “الشهداء”.. واجهة التحشيد الطائفي
منذ البدايات الأولى لحروبها في صعدة 2004، أعطت الجماعة الحوثية أولوية للتحشيد لمواكبة عملياتها القتالية ومواجهة خسائرها البشرية.
مع بداية تمدد الجماعة إلى خارج حدود صعدة وتضخم أعداد ضحاياها وبداية تشكيل هياكلها التنظيمية أصدر زعيمها عبدالملك الحوثي، 2011، قراراً بإنشاء “مؤسسة الشهيد” تم تسميتها لاحقا “مؤسسة الشهداء لرعاية وتأهيل أسر الشهداء”، كواجهة تنظيمية، مهمتها الاهتمام بأسر قتلى الجماعة ومواجهة آثار حروب صعدة، ليتم تأطير هذه المهمة في الهيكل الداخلي للجماعة كإدارة مختصة ضمن دوائر ما يسمى المكتب التنفيذي للجماعة، الذي يتبع مكتب زعيمها ويعتبر هو الجهاز التعبوي المعني بتعبئة الجماهير وتأطير المجتمع فكريا وثقافيا وتربويا.
بعد سطو الجماعة على إدارة محافظة صعدة تم منح المؤسسة الصفة الرسمية الشكلية وترخيص مزاولة العمل من مكتب الشئون الاجتماعية والعمل، 2014، كمنظمة يقتصر عملها ضمن نطاق جغرافيا محافظة صعدة وما جاورها، لتبدأ المؤسسة في 2015، توسيع عملها إلى خارج صعدة عقب انقلاب الجماعة وسيطرتها على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات.
بوضع يدها على مقدرات الدولة ومواردها، نقلت الجماعة المقر الرئيسي للمؤسسة من صعدة إلى صنعاء أواخر 2015، ليتسع نشاطها ونفوذها عبر فروع في 17 محافظة، لكن عمل المؤسسة يتركز على صعدة ومناطق ما يعرف شمال الشمال.
من خلال تتبع أنشطة المؤسسة وما تنشره على موقعها الإلكتروني، يتضح أن النشاط الذي تقوم به ليس فقط رعاية أسر ضحايا الجماعة، وتقديم المعونة المادية والغذائية لأسر عناصرها وأنصارها، وحصر خسائرها ورسملة أوضاعهم في الجهات والمؤسسات الخاضعة لسطوتها، إنما تعتبر ذراعا رئيسيا للجماعة لإدارة الأنشطة والبرامج الثقافية لنشر ما يصفوها بـ”المسيرة القرآنية” وتمويل محاضن تدجين المجتمع واستدراج الأطفال وأبناء القبائل إلى مراكز صناعة ذخائر الموت والدورات الثقافية والمراكز الصيفية للتحشيد الطائفي واستمرار تدفق مدخلات المشروع التوسعي.
تنظر الجماعة لذوي الضحايا كألغام وليس كأيتام. تجلب أطفال وذوي الضحايا إلى المقابر لتلقينهم صرخة الموت، وتعبئتهم فكريا وفق منهج “سنقدم الشهيد تلو الشهيد”.
هذا النشاط تعطيه الجماعة أهمية استراتيجية وتنفق عليه أموالا مهولة تكاد توازي إنفاقها العسكري، لتمويل فاتورة خسائرها البشرية، وضمان تنشئة وإعداد مخزون استراتيجي لحروبها الدائمة وتوفير المدد لمشروع التمدد الذي يسعى لفرض هيمنة الإمامة السلالية على اليمن وهيمنة “الولاية الخمينية” على المنطقة وعلى مكة والمدينة وصولا إلى القدس، كما تشير أدبيات الجماعة وخطابات رموزها.
المؤسسة، هي المعنية بتشييع ودفن قتلاها وتجهيز صورهم وإرسال الملازم والشعار وقطم القمح والأرز لأسرهم وتوزيع بعض الهدايا الرمزية والدروع التكريمية.
وهي مسؤولة عن إنشاء وإدارة و”زركشة” المقابر الجماعية التي تسميها “روضات الشهداء” وتزيين الموت للأطفال والزائرين، وإقامة معارض الصور وفعاليات “يوم الشهيد” وغيرها من لافتات التعبئة والتحشيد، وهي كثيرة.
منصة المؤسسة على يوتيوب مخصصة لنشر ما تصفه بوصايا قتلى الجماعة والأعمال الفنية التعبوية والدعائية لتسويق فكرة وعقيدة الجماعة. ولديها منصات على تويتر باللغة العربية وأخرى باللغة الفارسية-الإنجليزية.
لم تقتصر أساليب جني الأموال على منهوبات المجتمع وسرقة محصولاتهم وفرض الجبايات وتبرعات المنظمات الإيرانية والمصادر التابعة لها في المنطقة بل اتجهت الجماعة لنهب خزائن المؤسسات والصناديق الحكومية.
في يوليو2016 كشفت الحكومة الشرعية على لسان مسؤول في مجلس الوزراء عن قيام من عينته الجماعة قائماً بأعمال أمين عام مجلس الوزراء، وكلفته بتشكيل “مؤسسة الشهداء” بنهب كل أموال صندوق الشهداء والجرحى المشكل عام 2013 وسحب كامل اعتماداته وأرصدته من البنك المركزي ومصادرة المبالغ المتبقية لدى البريد والبالغة مليار ونصف المليار ريال.
وقال المصدر المسؤول في حديث نقلته صحيفة “الشرق الاوسط” إن الجماعة قامت بنهب مبلغ مليار ریال كانت مخصصة لصالح شهداء وجرحى ثورة 2011. وتم نهب 250 مليون ریال من موازنة الحسابات المركزية لوزارة الإدارة المحلية لصالح تلك المؤسسة وتم خصم مبلغ 5 ملايين ریال مكافآت وحوافز للجنة التحضيرية لتلك المؤسسة، كما نهبت 600 مليون ریال كنفقات طوارئ لصعدة، ولم يعرف أين ذهب هذا المبلغ”.
هذا النهب المهول حدث في البدايات الأولى لوضع الجماعة يدها على مقدرات البلد.
لا تتوفر معلومات وتقارير وثيقة حول حجم أموال المؤسسة وأبواب انفاقها، لكن بعض المعلومات التي تنشرها عبر منصاتها توضح أن حجم إنفاقها خلال العام الماضي 2021 بلغ 18 مليار ريال، منها اثنين مليار لما يسمى الذكرى السنوية للشهيد والأنشطة المصاحبة لها، ومليار للرعاية التربوية، و400 مليون للأنشطة المرتبطة بالروضات “المقابر” والمشاريع الفنية.
والروضات، تقليد إيراني مثل بقية التقاليد الخمينية التي جلبها الحوثيون. أنشأت الجماعة خلال السنوات الأخيرة مئات منها في مناطق سيطرتها. تحدث قيادي حوثي عن “63 روضة و70 معرض صور” في محافظة صعدة.
ورد اسم المؤسسة، كواحدة من الواجهات الحوثية التي تستخدمها الجماعة لاستيراد وتوزيع النفط الإيراني، حيث يتم استخدامها كغطاء لدعم طهران لمليشياتها عبر النفط المجاني، وفقا لمبادرة استعادة الأموال والحقوق المنهوبة والمسروقة من قبل الحوثيين، في تقريرها الرابع. 
وبحسب النبذة التعريفية والبيانات والمحتوى المنشورة في موقع المؤسسة ومنصاتها فإن الهيكل التنظيمي للمؤسسة يكاد يتطابق مع هيكل المجلس التنفيذي للجماعة، وعدد من الأسماء فيها يجمعون بين أكثر من صفة فيها وفي المؤسسات التنظيمية للجماعة وواجهات حكومية أخرى.
ترأس المؤسسة عدنان قفلة، حتى ما قبل مطلع 2016، وهو مسؤول العلاقات الخارجية للمكتب التنفيذي للجماعة، كما عينته الجماعة قنصلاً في السفارة الحوثية في إيران، ويتولى مسؤولية التواصل مع المؤسسات الإيرانية، ولذلك فهو يعد أحد قنوات تدفق الدعم الإيراني للحوثي.
وقد ظهر “قفلة” بين 2016 و2018، تحت صفة مدير مؤسسة الإكرام التابعة للجماعة، والتي يتركز نشاطها في صعدة، كما ظهر ضمن مجموعة من الأشخاص يبكون على نعش حسن ايرلو في طهران بحضور وزير الخارجية الإيراني.
منذ مطلع 2016 تم تعيين القيادي أحمد أحسن جران، رئيسا للمؤسسة، ولا يزال يديرها إلى اليوم، وهو من المقربين من عائلة بدر الدين وممن يُعرف بالقيادات العقائدية المؤدلجة التي رافقت مؤسس الجماعة حسين.
تم تعيين طه أحمد أحسن جران، نجل جران الأب، مديرا تنفيذيا للمؤسسة. جران الابن هو الأكثر حضورا في الإعلام والأنشطة، بينما يحضر الأب في برامج وأنشطة تنفذها المؤسسة في صعدة وبعض الفعاليات واللقاءات الرمزية في غيرها.
يشغل القيادي عبد السلام عبدالله احسن الطالبي، منصب نائب مدير المؤسسة، وتارة يظهر بصفة مدير الإدارة التربوية بالمؤسسة. هو نفسه عينته الجماعة رئيسا للهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية في سبتمبر 2018، بقرار أصدره رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط.
لا يزال الطالبي إلى اليوم رئيسا للهيئة، ويظهر نادرا تحت هذه الصفة في بعض الفعاليات والأنشطة واللقاءات الحكومية، لكن حضوره الكبير بصفته نائبا لمدير مؤسسة الشهداء.
في فترة ما، ظهر القيادي حسين القاضي تحت صفة القائم بأعمال المدير التنفيذي للمؤسسة، وتارة بصفة نائب مدير المؤسسة، وأخرى كمدير فرع المؤسسة بمحافظة صنعاء.
ويشغل ماجد يحيى سالم عزان، رئيس دائرة التقييم بالمؤسسة ويمثلها في حضور اجتماعات الحكومة وجلسات مجلس النواب الحوثي، واجتماعات اللجان المكلفة بإعداد قانون إنشاء هيئة رعاية أسر الشهداء. تم تعيينه مديرا لمؤسسة اليتيم التي استحوذت عليها الجماعة.
عزان هو أيضا وكيل الهيئة العامة للشئون الإنسانية ومواجهة الكوارث، الواجهة التي أنشأتها الجماعة في نوفمبر 2017، كهيئة تابعة لرئاسة الجمهورية تناوب على إدارتها القاسم عباس، ثم عبدالعزيز الرمام، ثم عبدالمحسن الطاووس، قبل اتخاذ الجماعة قرارا بإلغاء الهيئة وإنشاء المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشئون الإنسانية والتعاون الدولي وتعيين الطاووس أمينا عاما للمجلس، قبل أن يتم استبعاده وتعيين إبراهيم الحملي بدلا عنه.
بينما يشغل القيادي علي قاسم المتميز “ابو حسين” مدير الدائرة الاجتماعية بالمؤسسة وهو نفسه يحمل صفة مسؤول الدائرة الاجتماعية لـ”أنصار الله”.
القيادي يحيى العزي، هو مسؤول برنامج حماية وتحصين أسر الشهداء، وعبدالله عبدالكريم الحوثي نائب مسؤول العلاقات والإعلام.
القيادي محمد المؤيد، هو مسؤول برنامج إحسان في المؤسسة، أما الإدارة الصحية فقد تداول عليها سليم الضاوي والحسين الصلبه.
هيئة شهداء الواجب المقدس
بعد نقل مقر مؤسسة الشهداء إلى صنعاء، أصدر صالح الصماد رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى، في منتصف 2017، قرارا غير معلن بإنشاء “الهيئة العامة لرعاية أسر شهداء الواجب المقدس”، كواجهة حوثية جديدة، بحسب تصريحات إعلامية لطه جران وما تم رصده في القرارات المنشورة في الجريدة الرسمية.
تزامن إنشاء الهيئة مع قرارات الجماعة حل ما يسمى باللجان الثورية أواخر 2016. وتم تعيين طه جران، رئيسا للهيئة، وفقا لما تم التعريف به خلال اجتماع مع مهدي المشاط، سبتمبر2018.
وبتعيين الرجل مؤخرا رئيسا لهيئة رعاية أسر الشهداء المنشأة حديثا، أصبح يرأس هيئتين مع احتفاظه بعمله كمدير للمؤسسة التابعة للجماعة وحضوره المستمر باسمها وتحت لافتتها.
كما تم تعيين القيادي صالح حمزة، نائبا لرئيس الهيئة. وفقا لما تذكر وكالة الانباء الخاضعة للجماعة في تغطيتها لفعالية تكريمية لأسرة الصماد، 20 ابريل 2019.
حمزة هو في الوقت نفسه يتم التعريف به كمدير فرع مؤسسة الشهداء بمحافظة صنعاء.
لم تفصح الجماعة عن تبعية هذه الهيئة ولا طبيعة عملها، ولم يتسن الحصول على أي وثائق أو مراجع عن نشاط الهيئة ومقرها ومركزها المالي. يتم الحديث عنها إعلاميا فقط في لقاءات تجمع رئيسها جران مع القيادي مهدي المشاط، ومع القيادي أحمد حامد، منتحل صفة مدير مكتب الرئاسة، الذي من المفترض أنه أصبح يتولى الإشراف على الهيئة الوليدة بعد حل اللجنة الثورية، رغم استمرار نفوذ القيادي محمد علي الحوثي على مؤسسة الشهداء وحضوره الدائم في واجهة أنشطتها وارتباطه بجران، الأب والابن.

هيئة الواجب المقدس يبدو أن الجماعة خصصتها لرعاية مقاتليها، وبحيث تكون بمثابة حصالة لجلب الموارد من القطاعات العامة وغطاء للتستر على نشاط مؤسسة الشهداء التي اتسع نفوذها، لتتمكن من الهيمنة على اختصاصات وزارتي الدفاع والمالية الحوثية ومصادرة مهام الجهات ذات العلاقة، وتصبح الجهة المشرفة على ملف الضحايا، ومخولة بتلقي البلاغات والتعليمات من مراكز القيادة والسيطرة في الجبهات القتالية وبدأت في جمع قاعدة البيانات وتنفيذ المسوحات الميدانية.
وهي التي تقوم بإعلان صرف نصف المرتبات والمعونات الشهرية للضحايا، لتستمر الجهات الحكومية ذات العلاقة في التلاشي والإفلاس، ويستمر الخلط والتداخل بين المؤسسة والهيئة والجهات الأخرى.
مؤخرا تم اضافة ملف الضحايا المدنيين لمؤسسة الشهداء. قال جران في وقت سابق إن هذه المسؤولية تقع على الجهات الحكومية وعلى هيئة مناضلي الثورة.
رغم أن الجماعة بررت قرار إنشاء الهيئة الوليدة لرعاية أسر الشهداء، بأن هيئة الواجب المقدس “غير مفعلة” وليس لها موارد وموازنات، وفقا لما ورد في المذكرة الإيضاحية التي قدمها بن حبتور لمجلس النواب الخاضع للجماعة. إلا أن القانون الجديد لم ينص صراحة على إلغاء هيئة الواجب المقدس رغم حديث أعضاء في البرلمان واللجان التي تم تكليفها بإعداد القانون الجديد عن وجود تعارض بين الهيئتين.
مؤسسة الجرحى
“مؤسسة الجرحى”، واجهة حوثية أخرى، أنشأتها الجماعة مطلع 2015، كلافتة رديفة لمؤسسة الأسرى تعني بالجرحى والمعاقين من مقاتلي وأنصار الجماعة.
نشاط المؤسسة وحجم أموالها يوازي مثيلتها مؤسسة الشهداء. مشاريعها وبرامجها تتعدى معالجة الجرحى إلى رعاية أسرهم وأسر المعاقين، ليس فقط ماديا، انما رعاية وتأهيل تنظيمي وتأطيرهم ضمن ما تسميه الأنشطة الثقافية وتنشئتهم فكرياً وعقدياً.
يرأس هذه المؤسسة القيادي قاسم قاسم احسن الحمران “أبو كوثر”، وهو القائم بأعمال المكتب التنفيذي للجماعة، وعينته سابقاً نائبا لوزير التربية والتعليم.
برز الحمران مؤخراً في النشاط العسكري تحت صفة قائد ما يسمى كتائب الدعم والإسناد، التابعة للجماعة. وظهر قبل أسابيع بزي عسكري منتحلا رتبة “لواء” خلال حضوره عروضاً لتلك الكتائب في ذمار وحجة والحديدة.
تصريحات الحمران والأنشطة المرصودة على منصات المؤسسة تشير إلى مدى نفوذ المؤسسة الذي وصل حد مصادرة مهام وصلاحيات الجهات والمؤسسات الحكومية والتحكم بوزارة الصحة والوزارات المعنية وتحويلها إلى مجرد أدوات تنفيذية تابعة للمؤسسة وجهات داعمة وراعية لأنشطتها.
بحسب ما ورد في موقع المؤسسة على شبكة الإنترنت وتغطيات اعلام الجماعة، عينت الجماعة القيادي خالد عبد الكريم المداني، رئيسا للمؤسسة خلفا للحمران. المداني نفسه عينته الجماعة مديرا لمكتب الصحة في محافظة الحديدة. ولا يزال الرجل يظهر بهذه الصفتين معا.
فيما تناوب على منصب المدير فيها علي الضحياني وجمال حسن الشامي وماجد المتوكل.
مؤسسة الأسرى والمفقودين
تعني هذه المؤسسة بملف الأسرى والمفقودين من عناصر وأنصار الجماعة، ومقاتليها الذين يتم القبض عليهم من قبل الشرعية ومن قبل قوات التحالف في الجبهات الحدودية. تتولى موضوع التفاوض مع الأمم المتحدة والجهات الأخرى حول عمليات التبادل.
يرأسها القيادي عبدالقادر المرتضى، وهو من يمثل الجماعة في اللقاءات والاجتماعات المتعلقة بهذا الملف.
هيئات الزكاة والأوقاف
وفقا لمصادر متعددة فقد أوكلت الجماعة الملف المجتمعي والانساني للقيادي احمد حامد، خلال الفترة الأخيرة، ليتصاعد نفوذ الرجل واحتكاره للتدفقات المالية المخصصة لهذا الملف وتحكمه بخطوط الدعم الانساني والمساعدات الخارجية.
أنشأت الجماعة الهيئة العامة للزكاة، مايو2018، يرأسها القيادي شمسان أبو نشطان، والهيئة العامة للأوقاف، يناير2021، يرأسها عبدالمجيد عبدالرحمن الحوثي، وهيئات أخرى مماثلة، كالهيئة المعلن عنها حديثاً “الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء”، وجميعها تتبع لمكتب الرئاسة وتحت إدارة حامد، حيث أرادت الجماعة أن تبقى تلك الهيئات وتدفقاتها المالية بيده بعيداً عن الأطر الحكومية التابعة لها.

وهيئتي الزكاة والأوقاف وهما من أكبر الواجهات المدرة للأموال، وأكبر الجهات الداعمة لأنشطة مؤسسة الشهداء وهيئة الواجب المقدس والممول الذهبي للنشاط الثقافي والفكري للجماعة. واللتان تقومان برعاية الفعاليات والبرامج الدعائية والتعبوية وتمويل معارض الصور والمناسبات التي ابتكرتها الجماعة لتحشيد المجتمع.

منهجية وأساليب السطو والاستحواذ

منذ الوهلة الأولى لإحكام الجماعة قبضتها على القصر الجمهوري بصنعاء، اتجهت نحو تسوية ملف ضحاياها ورسملة قوائمها الكبيرة لنقل الأعباء إلى هيكل الدولة عبر إحلال ما يسمى بالمجاهدين واللجان الشعبية في كشوفات الجيش والأمن واستبدال قوائم موظفي الدولة بعناصرها ومقاتليها.
مبكرا، في منتصف مايو 2015 أصدر رئيس ما يسمى اللجنة الثورية الحوثية محمد علي الحوثي، قرارا بتشكيل لجنة رعاية الجرحى وأسر الشهداء، ضمت قيادات حكومية موالية للجماعة.
محمد الحوثي كان حينها يرأس سلطة الجماعة، واللجنة الثورية هي واجهة الحوثية لفرض الحكم المليشاوي قبل تشكيل ما يسمى المجلس السياسي الأعلى بالتحالف مع الرئيس الاسبق علي عبدالله صالح وحزب المؤتمر الشعبي العام.
كانت الجماعة قد نجحت فيما بعد ثورة 2011 بانتزاع اعتراف حكومة الوفاق الوطني بضحايا حروبها السابقة واعتبارهم “شهداء” تتولى الدولة مسئولية رعاية أسرهم.
أكثر من ذلك، أنشأت حكومة الوفاق في (18 أكتوبر2013م) صندوق جبر الضرر لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ومعالجة أوضاع جرحى وشهداء حرب 1994م وحروب صعدة ورعاية أسرهم، بموجب القرار الجمهوري رقم (191) لسنة 2013م، ضمن مصفوفة العدالة الانتقالية ومفردات المصالحة الوطنية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، في محاولة لمعالجة آثار حروب صعدة.
استحوذت الجماعة على صندوق جبر الضرر، وصندوق رعاية أسر شهداء وجرحى ثورة 11 فبراير والحراك السلمي في المحافظات الجنوبية، الذي يتبع رئاسة الوزراء وتم إنشاؤه بموجب القرار الجمهوري رقم (178) لسنة 2013م.
قبل ذلك، استحوذت على أموال صناديق الإعمار والتعويضات المخصصة لصعدة، وأموال الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين. جميع تلك الأموال سخّرتها لمجهودها الحربي وتمويل حروبها على اليمن.
لم تتوقف شهية الاستحواذ والمُصادرة، لتستمر الجماعة في شرعنة واجهاتها وتثبيت أدواتها. وقبل انفرادها بالحكم عقب قتل حليفها علي صالح، ديسمبر2017، احتاجت الجماعة لتأطير بعض قياداتها ضمن وزارة الشئون الاجتماعية والعمل لتوفير الغطاء لأذرعها ولافتاتها. قامت بتعيين القيادي علي عبدالله أحسن جران، وكيلا للوزارة لقطاع الرعاية الاجتماعية. بحسب ما ورد في موقع الوزارة.
علي جران، هو رئيس “دائرة العلماء والمتعلمين لأنصار الله- المكتب التنفيذي”. كما يتم التعريف به في اعلام الجماعة.
استنفرت الميليشيا من أجل حوثنة الدولة وفرض هيمنتهم على مختلف مفاصلها ومستوياتها ومسمياتها، أطلقت الجماعة يدها على مصادر الأموال، العامة والخاصة. هذا التوحش طال مؤسسات مماثلة، بينها صندوق رعاية وتأهيل معاقي الحرب، بقيام الجماعة بتعيين محمد عبدالله الديلمي مديرا للصندوق، يونيو2016، قبل أن يتم تعيين علي ناصر مغلي مديرا للصندوق، يناير 2019. بحسب ما تم رصده في الوكالة الرسمية للجماعة.

ضمنت الجماعة مرتبات قتلاها والرتب والترقيات في قوام الدفاع والداخلية، في حين لا تبالي بأسر ضحايا الواجب الوطني ومعاقي الحرب التي نهبت صناديقهم وحرمتهم من المرتبات والدعم.

تهميش هيئة مناضلي الثورة اليمنية وطمس رمزيتها

الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية، بموجب القانون رقم (5) لسنة 1993م، أنشئت كهيئة مستقلة تابعة لرئاسة الجمهورية لها شخصيتها الاعتبارية ومركزها المالي وموازنة خاصة، وكانت واحدة من الهيئات والمؤسسات التي استحوذت عليها الجماعة.
وفقا لإعلام الجماعة، فقد تم تعيين القيادي عبدالسلام عبدالله احسن الطالبي، رئيسا للهيئة بقرار أصدره رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، في سبتمبر 2018.
الطالبي، تم إحلاله بدلا لرئيس الهيئة مصلح عبدالله عبدالسلام صبرة، الذي عين بقرار جمهوري أصدره الرئيس السابق هادي، 25 سبتمبر2013م.
قبل ذلك كانت الجماعة قد عينت القيادي مشعل محمد عبدالله الردفاني، في منصب نائب رئيس الهيئة وأزاحت نائبها السابق علياء فيصل الشعبي، المعينة بقرار الرئيس هادي.
وعينت الجماعة القيادي عبدالاله عبدالكريم الصلبة، في منصب وكيل أول للهيئة، والقيادي كمال عبدالله أبو طالب، في منصب وكيل قطاع الشئون المالية والإدارية للهيئة. بحسب الوكالة الرسمية للجماعة.
سطو الجماعة على الهيئة ومواردها وأرصدتها اضطر الحكومة الشرعية لنقل عمل الهيئة إلى عدن، العاصمة المؤقتة، لتستأنف عملها من خلال رئيسها أحمد قاسم عبدالله، الذي تم تعيينه بموجب قرار تكليف أصدره رئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر، منتصف سبتمبر2017م. اقتصر نشاطها على المناطق المحررة بموارد شحيحة.
في تبريراتها لإنشاء الهيئة الجديدة لرعاية أسر الشهداء، في مذكرتها الإيضاحية التي قدمها رئيس حكومتها بن حبتور للبرلمان، 23ديسمبر2021، قالت الجماعة بأن هيئة مناضلي الثورة اليمنية “غير مفعلة”. وأضافت ان الهيئة السابقة ستظل قائمة، لكنها في نفس الوقت خصصت واحدة من مواد قانونها الجديد للشهداء المشمولين في القانون رقم (5) لسنة 1993م.
تقول الجماعة إن الهيئة القديمة ليس لها موارد، لكن الجماعة نفسها تعترف بالفساد والنهب المُتفشي في الهيئة الخاضعة لها.
يفصح الجهاز المركزي للرقابة الخاضع للجماعة، سبتمبر 2021، أن اجمالي وقائع الاستيلاء والتزوير المعنوي في هيئة مناضلي الثورة بلغ اثنين مليار و 807 ملايين و41 ألف ريال. يحدث هذا الفساد بينما الجماعة تحرم أسر الشهداء والمناضلين من رواتبهم وتسرق أقواتهم للعام السابع.
نهج الجماعة وإجراءاتها السابقة تتضمن عمليا الاتجاه نحو إلغاء الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية، وعدم الاعتراف بالقانون النافذ منذ 1993م أو تعطيل عملها في أقل الأحوال. مسودة مشروع القانوني الحوثي تضمن إلغاء مصطلح “الثورة اليمنية” واستبداله بتسمية “المناضلين” بحيث يشمل منتسبي الجماعة.
الغاء الهيئة “الشرعية” والقانون الخاص بها وحرمان الرعاية عن آلاف المستفيدين، بقدر ما يحمل من نزعة عنصرية فإنه يعبر عن نهج يسعى لطمس رمزية الثورة والجمهورية التي أطاحت بنظام الإمامة والكهنوت 1962، واستبدالها بيوم النكبة الحوثية 21سبتمبر 2014، ومحاولة تزييف التاريخ ومحو الإرث النضالي المتوارث من الذاكرة الوطنية، وفرض الحسينيات، وطقوس الأضرحة والروضات.

شاهد أيضاً

ورشة تدريبية لمكون السلم المجتمعي بمأرب حول أساسيات التخطيط الاستراتيجي

اقليم تهامة ـ مأرب- خاص بدأت اليوم في مدينة مأرب، ورشة عمل تدريبية لأعضاء مكون …