اقليم تهامة ـ مارب
في مشهد يعجز البيان عن احتوائه، وتنكسر الأقلام دون بلوغ مداه، ويقف الحرف إجلالاً وإكباراً، يقدم الشيخ البرلماني والمناضل الكبير، شيخ مشايخ أرحب وقائد مقاومة صنعاء، الشيخ منصور الحنق، فلذة كبده قربانا على مذبح الحرية، ووساما يعلو جبين الكرامة، مواصلاً درب الشرفاء الذين آمنوا أن الحرية لا تهدى، وأن استعادة الدولة لا تنال إلا بدماء زكية تسقي تراب الوطن..
إنه موقف يكتب بالتضحيات، ويُقرأ بالدموع، وتفيض منه معاني العظمة والثبات، حين تتقدم دماء الأبناء على كلمات الآباء، وحين يصعد أبناء القيادات إلى ذرى الشهادة، حاملين أرواحهم على أكفهم، متوشحين بالإيمان، موقنين أن القضية التي لأجلها يقاتلون، تستحق أعز ما يملكون..
ويا لها من تضحيات، حين تروى الأرض بدماء أبناء القادة قبل سواهم، فتزهر الحقيقة، وتخضر المبادئ، وتثمر النوايا الصادقة، دلالة ناصعة على صدق الانتماء، ونبل الغاية، وعدالة القضية..
لقد قدّم الشيخ منصور الحنق – عضو مجلس النواب عن التجمع اليمني للإصلاح – نجله شهيداً، كما قدم روحه من قبل زميله ورفيق دربه في ميادين العزة والبأس، الشيخ ربيش علي وهبان العليي، شيخ مشايخ الحيمتين وعضو مجلس النواب عن الإصلاح، الذي اختار مقعده في الخلود، وهو في طليعة الصفوف، يلوح للحرية براية الدم، ويكتب اسمه في سجلات المجد بأحرف من نار ونور…
وإنا، ونحن نستعرض هذه المواقف الخالدة، لا نسعى لغمط فضل، أو لانتقاص تضحيات غيرنا من الأحرار، بل نستحضرها كما يستحضر المرء أنفاس الحياة، لنؤكد أن هذه المدرسة – مدرسة الإصلاح – لم تكن يوماً مقعداً للمتفرجين، بل منبتاً للرجال، ومصنعاً للأبطال، ومشعلاً للوعي، وميداناً للفداء،
هي مدرسة صاغت أبناءها بوهج الوطنية، وألبستهم جبة الشجاعة، وربطت قلوبهم بحب اليمن، فعلمتهم أن يكونوا حيث ينبغي أن يكونوا، في مقدمة الصفوف، وفوق ثرى الوطن، وليس خلف الطاولات أو بين حسابات الربح والخسارة..
إن استشهاد نجل الشيخ الحنق، لم يكن خسارةً لأبٍ مكلوم، ولا لعائلة مناضلة فحسب، بل هو برهان ناصع بأن مشروع استعادة الدولة، ودحر الانقلاب الحوثي الكهنوتي السلالي، ليس مجرد شعار، بل قضية وجود، ومعركة مصير، يدفع فيها الأحرار أغلى ما يملكون، عن طيب نفس، ونقاء سريرة، ونبل مقصد..
إننا أمام مقام يفرض التوقف بإكبار، وأمام تضحيات تستنفر الهمم، وتوقظ الضمائر، وتبعث برسالة ناصعة – أن الطريق إلى النصر مفروش بدماء الصادقين، ومعقود بعزائم الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ومنهم الشيخ الحنق وأبناؤه، ومنهم الشيخ الشهيد ربيش ومن سار على دربهم من الأحرار..
الرحمة للشهيد، والعزاء لأهله، والصبر الجميل لقلب اكتوى بنار الفقد وازدان بشرف الشهادة..
والخزي والعار للانقلاب الحوثي السلالي، الذي لا يعرف من السياسة سوى الرصاص، ولا من الحكم إلا الاستبداد، ولا من الوطن إلا غنيمة تتقاسمها العصابة، وتبيعها في سوق الطائفية والدمار،
وإنا، على درب الشهداء ماضون، لا نساوم، لا نستكين، حتى تعود الجمهورية، وتقلع جذور الإمامة البغيضة من أرضنا الطيبة، وتشرق شمس اليمن من جديد، حرا، موحدا، عزيزا، أبيّا..
والله غالب على امره ،،