اقليم تهامة ـ خاص
السؤال عن موعد تحرير صنعاء يرتبط بسياق التطورات الإقليمية والدولية، ولا سيما ما حدث مؤخرا في سوريا ، لقد أثارت الأحداث السورية تساؤلات عميقة حول ديناميكيات القوى الدولية، وتغير أولويات الفاعلين الإقليميين، ومدى إمكانية انعكاس هذا المشهد على اليمن..
إن تحرير صنعاء ليس مجرد عملية عسكرية كما يظن البعض، بل هي معركة سياسية واستراتيجية متعددة الأبعاد ، فالوضع في سوريا أظهر كيف يمكن لتغير التوازنات الدولية أن يحدث فجوة في المشاريع الإقليمية التي تعيق حسم الملفات العالقة..
إن الضغوط الدولية المتزايدة كانت قد حدت كثيرا من التدخلات الايرانية في سوريا،كما ان التفاهمات الدولية والاقليمية مهدت الطريق للثوار السوريين نحو دمشق، وما من شك ان خسارة ايران لنظام الاسد تطور كبير يضعف أدواتها في اليمن،وهو الأمر الذي يقرب صنعاء إلى واجهة الحسم..
لكن السؤال يبقى مطروحا ،هل الظروف مهيأة اليوم لتحرير صنعاء..؟ الجواب من وجهة نظر شخصية يعتمد على عدة عوامل أولاً، قدرة التحالف العربي على صياغة رؤية موحدة للحسم العسكري والسياسي،فالمشهد اليمني يعاني من تشتت القوى المناهضة للحوثيين، وهو تشتت يعزز من قدرة الحوثيين على استغلال الفراغات السياسية التي نفذ من خلالها عند اسقاطه للعاصمه صنعاء ولايزل ينفذ من خلالها..
ثانياً، لابد من توفر الدعم الدولي والإقليمي المطلوب لأي خطوة نحو صنعاء، وهو عامل يتطلب توحيد الخطاب السياسي والعمل على إقناع المجتمع الدولي بضرورة إنهاء هذا الملف، وهذا الامر مرهون بقدرة الدوبلوماسية اليمنية وتحركها في هذا الجانب وكذا قناعة التحالف بذلك..
ثالثاً، التحرك الشعبي داخل اليمن، إذ أن نجاح تحرير صنعاء لن يتم بدون حاضنة شعبية تعزز من قوة أي عمل عسكري أو سياسي..وهذا الامر يبدو أنه قد توفر الى حد كبير..
ما حدث في سوريا يبرز أهمية عامل الوقت ،فالانتظار قد يمنح الحوثيين مزيدا من الوقت لتعزيز نفوذهم وتحقيق مكاسب أكبر، بينما العمل العاجل يحتاج إلى استراتيجية شاملة تراعي المتغيرات المحلية والدولية..
إن عملية تحرير صنعاء لا يمكن أن تكون فقط رد فعل على تحولات إقليمية، بل ينبغي أن تكون نتيجة لقرار داخلي يمني مستقل، يدعمه توافق إقليمي ودولي، وتكون مبنية على استراتيجية سياسية وعسكرية قادرة على الاستدامة..
بالمحصلة، تظل عملية تحرير صنعاء ضرورة حتمية لاستعادة الدولة اليمنية، ولكن موعد تحقيق ذلك يعتمد على مدى قدرة الأطراف المناهضة للحوثيين والمنضوية تحت حكومة الشرعية على تجاوز خلافاتها، واستغلال اللحظة الدولية لتغيير معادلة الصراع لصالح ملايين اليميين الذين ينتظرون الخلاص من الكهنوت الحوثي واستعادة دولتهم المخطوفة..!