اقليم تهامة ـ خاص
يمثل قرار كندا بتصنيف جماعة الحوثي كجماعة إرهابية خطوة ذات دلالات متعددة في السياقين الإقليمي والدولي. هذا التصنيف يعكس تحولا في الموقف الدولي تجاه الحوثيين، الذين طالما ارتكبوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، واستهدفوا المنشآت المدنية في الداخل اليمني ودول الجوار، إلى جانب تهديدهم للملاحة الدولية في البحر الأحمر، وتلقيهم دعما لوجستيا وعسكريا من إيران..
إن كندا بهذا القرار لا تعبّر فقط عن رفضها لتصرفات الجماعة، بل توجه رسالة واضحة مفادها أن المجتمع الدولي لم يعد يحتمل استمرار هذه الممارسات التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي..
من الناحية السياسية، يعزز القرار الكندي من عزلة المليشيا الحوثية دوليا ويضعهم تحت مزيد من الضغط الدبلوماسي والاقتصادي ، فقد يتبع هذا التصنيف فرض عقوبات إضافية تطال قادة الجماعة وأصولها المالية، مما يحد من قدرتهم على التحرك وتمويل أنشطتهم ، كما أنه قد يشجع دولا أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة، ما يخلق جبهة دولية أوسع تضع الحوثيين في موقف الدفاع، بدلا من قدرتهم على استغلال التباين في المواقف الدولية لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية..
أما من حيث التأثيرات على الداخل اليمني، فإن القرار يحمل فرصا مهمة للحكومة الشرعية، إذ يعزز من شرعيتها أمام المجتمع الدولي ويضعها في موقع أقوى للتفاوض والحصول على الدعم العسكري والإنساني ، كما يمنحها ورقة ضغط إضافية يمكن استخدامها في المحافل الدولية لإظهار الحوثيين كطرف معرقل للسلام، ما قد يدفع الدول الكبرى إلى زيادة دعمها للشرعية، سواء عبر المساعدات الاقتصادية أو من خلال تعزيز التنسيق العسكري معها لمواجهة تهديدات الحوثيين…
علاوة على ذلك، قد يسهم القرار في إضعاف الروح المعنوية للحوثيين وقواعدهم الشعبية، إذ يعزز من الصورة السلبية للجماعة ككيان منبوذ عالميا، مما قد يدفع بعض الفئات التي كانت مترددة في موقفها إلى الانفضاض عنهم أو التراجع عن دعمهم، خاصة إذا تزامن ذلك مع تصعيد إعلامي ودبلوماسي مدروس من قبل الشرعية وحلفائها…
ومع ذلك، يبقى على الحكومة الشرعية أن تستغل هذا القرار بحنكة وذكاء، عبر بناء تحالفات أوسع مع المجتمع الدولي، وتقديم نفسها كبديل مسؤول ومؤهل لقيادة اليمن نحو الاستقرار والسلام، يجب أن تعمل على تحسين أدائها الداخلي، خصوصا في الجوانب الأمنية والخدمية، لإثبات قدرتها على ملء الفراغ وزيادة ثقة المجتمع الدولي بها، وبالتالي كسب ثقة الداخل اليمني..
إن قرار كندا بتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية ليس مجرد خطوة رمزية، بل هو تطور نوعي يحمل في طياته العديد من الفرص التي يمكن أن تسهم في تغيير موازين القوى لصالح الشرعية اليمنية إذا ما تم استغلاله بفعالية وإدارة حكيمة للصراع والموقف الدولي…