أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار الإقليم / أخبار الإقليم / احتمالات الهجوم على الحديدة ومستقبل الأحداث..

احتمالات الهجوم على الحديدة ومستقبل الأحداث..

اقليم تهامة ـ خاص

في الآونة الأخيرة، كثرت التقارير في وسائل الإعلام حول تحركات دولية وإقليمية ومحلية تشير إلى احتمال شن هجوم واسع لتحرير مدينة الحديدة من سيطرة الحوثيين ، هذه التقارير تعكس أحيانا حقيقة مخططات عسكرية وسياسية قيد الإعداد، لكنها قد تكون أيضا جزءا من حملة إعلامية ونفسية تهدف إلى التأثير على الرأي العام وخلق ضغوط سياسية على الحوثيين وداعميهم…

تأتي هذه التطورات انطلاقا من أهمية الحديدة الاستراتيجية؛ فهي تعد منفذا بحريا رئيسيا وشريانا اقتصاديا مهما، إذ تؤمن لمليشيا الحوثي إيرادات مالية كبيرة من خلال الضرائب والرسوم، إضافة إلى دورها في تسهيل وصول الإمدادات العسكرية، وبالتالي، فإن السيطرة على الحديدة قد تمثل ضربة كبيرة للحوثيين، حيث ستحد من مصادر تمويلهم وقدرتهم على مواصلة العمليات العسكرية،كما أن التصعيد المتزايد يأتي في ظل الصراع بين المحاور الإقليمية، حيث قد يدفع التوتر المستمر الدول المناهضة للحوثيين، مثل السعودية والإمارات، إلى دعم جهود عسكرية لتحرير هذه المدينة الحيوية..

ومع هذه المعطيات، نجد أن بعض الدول الكبرى كأمريكا وحلفائها قد ترى في تحرير الحديدة خطوة مهمة نحو تحقيق استقرار نسبي في اليمن، خاصة لما لها من دور استراتيجي في تأمين الملاحة البحرية ومنع الحوثيين من تهديدها..

ومع ذلك، هناك تحديات تواجه هذه الاستعدادات العسكرية، يتمثل أبرزها في الوضع الإنساني، حيث ستتردد المخاوف السابقة من أن يؤدي أي تصعيد في الحديدة إلى كارثة إنسانية، نظرا لأن المدينة مكتظة بالسكان المدنيين الذين قد يكونون في مرمى الخطر. يضاف إلى ذلك الحاجة إلى تنسيق فعال بين التحالف العربي والقوات المشتركة، مما يجعل الوصول إلى نتائج حاسمة دون فوضى مسألة معقدة، كما تشكل التدخلات الإيرانية تحديا آخر، إذ تعتبر إيران ميناء الحديدة نقطة استراتيجية لحلفائها الحوثيين، ومن الممكن أن تزودهم بمزيد من الدعم العسكري..

التحديات لا تقتصر على الجوانب الإنسانية فقط، بل إن كثافة السكان تفرض قيودا على عمليات الهجوم المباشر، كما أن الحوثيين كجماعة فاشية يعتمدون على تلغيم كل ما امامهم بلا اخلاق ولا انسانية ، ما يجعل أي تقدم عسكري عملية محفوفة بالمخاطر. بالإضافة إلى ذلك، فإن التوترات السياسية التي لاتزال قائمة بين الأطراف المناهضة للحوثيين أنفسهم قد تؤدي إلى ضعف التنسيق، مما قد يعوق التقدم على الأرض..

وعند استشراف مستقبل هذه التطورات، ممكن ان نستنتج سيناريوهان محتملة ومتعددة ،أحدها يتمثل في تصعيد عسكري محدود يهدف إلى إضعاف سيطرة الحوثيين تدريجيا، بحيث يتم الضغط عليهم دون تعريض المدنيين لأخطار جسيمة، وقد يكون السيناريو الآخر هو طرح مفاوضات جديدة بضغط دولي، من أجل تحييد الحديدة مقابل تسوية معينة، وهذا الخيار قد يحظى بقبول بعض الدول التي تفضل تجنب تصعيد واسع..!

أما السيناريو الأخير، فقد يشمل تحضيرا لعملية عسكرية كبيرة، لكن هذه العملية محكومة بمدى توفر ظروف أكثر ملاءمة، مثل وجود التنسيق الأمثل بين الأطراف الداعمة للشرعية في اليمن، وتأمين دعم دولي يمنح شرعية واسعة لهذه الخطوة..

وعلى المدى البعيد، فإن تحرير الحديدة قد يؤدي إلى تغيير جوهري في ميزان القوى في اليمن، إذ سيضعف الحوثيين ماليا وعسكريا، ما قد ينعكس على قدرتهم على السيطرة في مناطق أخرى. وقد تدفع هذه العملية بعض الأطراف الإقليمية إلى إعادة تقييم تحالفاتها ومواقفها، مما قد يؤدي إلى تغييرات في الخريطة السياسية لليمن ، وبالطبع، فإن تحقيق استقرار في الحديدة سيعود بفوائد اقتصادية وإنسانية على ملايين اليمنيين، إذ سيسهل وصول المساعدات الإنسانية ويخفف من معاناة الأهالي..

في النهاية، يبقى المسار النهائي لهذه التطورات غير مؤكد، ويتوقف على قدرة التحالفات المختلفة على تجاوز التحديات المعقدة التي تفرضها الظروف العسكرية والإنسانية والسياسية..

شاهد أيضاً

ناصر الجمهورية ، أيقونة البطولة والصمود في وجه الإمامة..

اقليم تهامة ـ مارب في الذكرى الثالثة لاستشهاد البطل الفريق الركن/ ناصر الذيباني، نقف وقفة …