أخبار عاجلة
الرئيسية / الأخبار / أخبار محلية / حرائق المخيّمات.. حربٌ أخرى تحصد أرواح النازحين “تقرير”

حرائق المخيّمات.. حربٌ أخرى تحصد أرواح النازحين “تقرير”


اقليم تهامة – تحقيق: فارس السريحي

في ظهيرة الثامن من شهر رمضان الفائت، اندلع حريق هائل في تجمّع سكني يضم سبع أسر نازحة في حي مجمع الخير بمدينة مارب، أسفر عن وفاة امرأة وإصابة زوجها وابنهما بجروح بليغة، وألحق أضراراً بالمساكن، منها أربعة دمّرها كلّيًا بمحتوياتها.

ومع انقشاع دخان الحريق، بات 20 فرداً؛ معظمهم نساء وأطفال؛ مشردين لدى أسر أخرى نازحة، لا يملكون سوى الملابس التي كانوا يلبسونها وهم يفرّون من وسط النيران.

نزل معد التحقيق إلى مكان الحادثة بعد 24 ساعة من حدوثها، ووثّق آثارها، وأجرى لقاءات مباشرة مع ضحايا وشهود عيان.

رضوان علي أحمد (43 عاماً)، كان أوّل من سكن هذا المكان قبل 6 سنوات، وقد نجا مسكنه من الحريق لبعده قليلاً عن بقيّة المساكن. تحدّث لمعد التحقيق عن تفاصيل الحادثة وتداعياتها المدمّرة، وعن رحلة تشرّده بدءًا من تعز إلى صنعاء، ومن ثم إلى مدينة مارب، ليلتحق به أشقاؤه وبعض أقاربه تباعاً؛ بغية أن يعيشوا حياةً أفضل رغم ضيق مساكنهم وتلاصقها على قطعة أرض محدودة، قبل أن يباغتهم هذا الحريق.

أصبح رضوان وحيداً مجدداً. طاف بنا حول بقايا المآوي المحترقة، مصوراً الحادثة منذ أن فزع بصراخ الساكنين وصيحات الاستغاثة، ليتفاجأ بحريق يلتهم مسكن شقيقه “هلال”، فيجده على أعتاب مسكنه قد أثخنته الإصابة وأعجزته عن إنقاذ زوجته التي التهمتها النيران داخل الخيمة.

وهذه الحادثة تُعد واحدة من 71 حريقًا شهدته مخيمات النازحين بمارب خلال النصف الأول من العام 2023، وأدت لوفاة 6 نازحين وإصابة 18 آخرين، وفق إحصائية الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين- مارب نشرتها بحسابها الرسمي على الفيس بوك.

جغرافيا النزوح
شهد النزوح إلى محافظة مارب تزايداً ملحوظًا مع توسّع نطاق الحرب في البلاد؛ بدءًا من عام 2015م حيث بلغ عدد النازحين 279,300 نازح وصولاً إلى 2,274,598 نازحًا نهاية 2022م.

انفوجرافيك: الزيادة التراكمية لأعداد النازحين إلى مارب
انفوجرافيك: الزيادة التراكمية لأعداد النازحين إلى مارب
ومن إجمالي 288,222 أسرة نازحة، يوجد 55,991 أسرة تضم 299,325 فرداً يسكنون مخيمات عددها 197 مخيمًا، وفق تقرير الوحدة التنفيذية بمارب السنوي للعام 2022م، بينما البقيّة خارجها.

انفوجرافيك: خارطة انتشار مخيمات النازحين بمارب
انفوجرافيك: خارطة انتشار مخيمات النازحين بمارب

تضم مارب 73.67 % من إجمالي النازحين في المحافظات التي تديرها الحكومة الشرعية والبالغ عددهم 3,087,336 فرداً، وفق تقرير الوحدة التنفيذية الخاص بالاحتياجات الإنسانية للنازحين في اليمن (2023م).

حرائق متوالية
رصد معد التحقيق، عبر المصادر المغلقة والمفتوحة، منها بلاغات الوحدة التنفيذية وتقرير المركز الاجتماعي للنازحين عن الحرائق بمحافظة مارب (يوليو 2021م) ورصد ميداني، حدوث 164 حريقاً في مخيمات وتجمعات النازحين بمارب خلال العامين الماضيين، منها 64 حريقاً طال 32 مخيماً خلال 2021م، و100 حريق طال 55 مخيماً عام 2022م.

انفوجرافيك: عدد الحرائق بحسب الشهر خلال السنتين
انفوجرافيك: عدد الحرائق بحسب الشهر خلال السنتين
وهذه ليست كل الحرائق، وإنما التي استطاع معد التحقيق الوصول إلى تفاصيلها والتحقق منها. مرفق ملف الحرائق

ويُلاحظ زيادة أعداد الحرائق عام 2022م بنسبة 56.25% عن السنة التي قبلها. وهذا ما لاحظه أيضاً مدير مركز قرار للدراسات الإنسانية سليم خالد، الذي أكّد أن “عدد الحرائق يأخذ مساراً تصاعدياً”. واصفًا ذلك بأنه “ظاهرة مروعة وتترك ضحايا بين وفيات وإصابات، بعضها تؤدي للإعاقة”.

حدد الباحث سليم، في تصريح لمعد التحقيق، ثلاث مشاكل رئيسية قائمة هي: “حدوث الحرائق، واستمرار حدوثها، وتزايدها من عام لآخر، مع تزايد في الخسائر والضحايا”.

خسائر وتداعيات
تعكس حادثة مجمّع الخير جانباً من الخسائر البشرية والمادية، والأضرار النفسية العميقة التي تلحقها الحرائق بالنازحين.

فأسرة النازح هلال علي أحمد، مثلاً، كانت تستعد للاحتفال بزفاف ابنتها، التي تسلّمت جهازها قبل 4 أيام من اندلاع الحريق، والذي أحال فرحتها لأحزان ممتدّة؛ فالأم فارقت الحياة، والأب على سرير العلاج، فيما بقيّة أفراد الأسرة يواجهون الصدمة بمفردهم في الشتات.

لا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لبقيّة الأسر المتضررة؛ سواء قبل هذه الحادثة أو بعدها. فالنازح عبدالعزيز عبدالغني عمار، ما يزال يتلقّى العلاج من حروق الدرجة الأولى والثانية التي سببها حريق اندلع في مسكنه بمخيم التسامح شمال مدينة مارب، بعد أسبوعين من حادثة مجمع الخير (تحديداً في 13 أبريل/نيسان 2023م). وأدى أيضاً لإصابة طفل وامرأة بجروح خفيفة ومتوسطة، كما دمّر المسكن المكوّن من ثلاث شبكيات وخيمة ومحتوياتها.

حصل معد التحقيق على وثائق وصور تُبيّن أن عبدالعزيز، يخضع لعملية تطعيم جلدي لتعويض المناطق المتضررة من الحريق. وتظهر الصور (نتحفّظ عن نشرها لحساسيتها) أضراراً عميقة سببها الحريق بجسد الضحيّة تركزت بأعلى الظهر والكتفين والعضدين، حيث التهمت النيران طبقات الجلد وأتلفت النسيج.

تقرير طبي + تقرير كلفة مالية للنازح المتضرر من الحريق عبدالعزيز عبدالغني
تقرير طبي + تقرير كلفة

خلال عام 2022م، تسببت الحرائق، المذكورة آنفاً، بوفاة 13 نازحاً بينهم 6 أطفال وامرأة، وإصابة 36 آخرين، منهم خمسة أطفال وخمس نساء، وألحقت أضرارًا كلّية وجزئية بمساكن 150 أسرة نازحة.

وتظهر تفاصيل هذه الحرائق أن الشبكيات (غرفة مكوّنة من الشبك الحديد ومغطاة بطربال قماشي) هي الأكثر عرضة للحرائق، يليها الخيام القطنية والبلاستكية وملاجئ القش، فيما المنازل الطينية والكرفانات (حاوية بها أكثر من غرفة وتضم هيكل حديد وجدران خشبية وسواتر من الزنك) الأقل تضرراً.

أسباب الحرائق
كان معد التحقيق، قد حصل على معلومات تفيد بأن ربط النازحين لمساكنهم بالكهرباء عشوائيًا هو سبب الحرائق المتوالية، مع تقاعس مؤسسة الكهرباء وإدارة المخيمات عن إيصال التيار للأسر النازحة بطريقة سليمة وآمنة.

ومن خلال تتبّع أسباب هذه الحرائق طيلة فترة إعداد التحقيق الممتدة بين أكتوبر 2022م ويونيو 2023م، تبيّن أن “الماس الكهربائي” السبب الأبرز لحدوثها. وهو سبب حادثة مجمع الخير، وفق ما قاله النازح رضوان وعاقل الحارة صالح المحورن في شهادتهما لمعد التحقيق.

وهو ما أكّده أيضاً تقرير كتلة إدارة وتنسيق المخيمات (CCCM)، والذي أقر بعدم وجود أدوات إطفاء حرائق وفرق مجتمعية في الموقع، مبيّناً أن عملية الإطفاء تمت بمساعدة النازحين أنفسهم.

وحصل معد التحقيق على تقارير للوحدة التنفيذية وكتلة الـ(CCCM)، عن 30 حادثة حريق اندلعت بين يوليو 2021م و11 مايو 2023م، منها 24 تقريرًا حصريًا، وتبيّن أن 18 حريقًا سببها “ماس كهربائي”، فيما 9 حرائق أسبابها مرتبطة بالمطبخ وغاز الطهي، وثلاث مجهولة السبب.

  • تقرير (CCCM) عن حريق في مجمع الخير (خاص)
  • تقرير (CCCM) عن حريق بمخيم سائلة الميل (خاص)
  • تقرير الوحدة التنفيذية عن حريق بمخيم النجاح
  • تقرير الوحدة التنفيذية عن حريق بمخيم الجفينة
  • تقرير الوحدة التنفيذية عن حريق بموقع الحرمل الشرقي

مدير عام الدفاع المدني بمارب العقيد عبدالله الشفلوت، أكد أن “الماس الكهربائي من الأسباب الأكثر شيوعاً لحدوث الحرائق. مضيفاً، في مقابلة خاصة، أن 60% من بلاغات الحرائق التي تصل إدارته سببها ماس كهربائي يحدث نتيجة الربط العشوائي خصوصاً بمخيمات النازحين.

من جانبه، قال مساعد مدير عام الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمحافظة مارب الدكتور خالد الشجني، إن التوصيل العشوائي للكهرباء من أسباب انتشار الحرائق بمساكن النازحين.

وأجرى معد التحقيق لقاءً مباشراً مع نائب مدير عام مؤسسة الكهرباء- منطقة مأرب المهندس عبدالله دغيش، والذي نفى أن يكون لمكتب الكهرباء علاقة بحوادث الحرائق في مخيمات النازحين. مشدداً على أن مهمة مؤسسة الكهرباء تنتهي عند إيصال التيار “إلى المساكن”.

وقال: كل الحرائق بمخيمات النازحين أو التي وصلتنا على الأقل سببها التأسيس والتسليك داخل المساكن، وهذا ليس من صلاحيات المؤسسة العامة للكهرباء ولا ضمن مهامها.

من جانبها، قالت منسقة الكتلة الفرعية للمأوى والمواد غير الغذائية بمحافظة مأرب رواء غانم، هي الأخرى، إن أكثر أسباب الحرائق “شيوعًا هو الربط العشوائي للكهرباء”. مؤكدة في تصريح لمعد التحقيق عبر تطبيق التراسل (واتساب)، “حدوث العديد من الماسات الكهربائية، خاصه في الصيف، حيث يعتمد كثير من ساكني مارب على استخدام الكهرباء والمكيفات مما يشكل ضغطًا على خطوط الكهرباء وحدوث الماس”.

وذكرت أيضاً “بعض الممارسات الخاطئة للنازحين باستخدام المواد المشتعلة، وعدم وجود متنفس للأطفال واضطرارهم أحيانًا للَّعب بالمواد التي تسبب الحرائق”. نافية أن يكون “المأوى” سببًا في حدوثها.

ومن جهته، قال فريق التواصل بالمنظمة الدولية للهجرة، في تصريح لمعد التحقيق عبر الإيميل، إن “أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار الحرائق هو التوصيلات الكهربائية غير الآمنة والخطيرة في المراكز الجماعية ومواقع النزوح غير الرسمية، حيث يمكن أن تحدث الحرائق الكهربائية بسرعة عندما تكون الدائرة محملة بشكل زائد”. إضافة إلى أن “معظم المآوي تحتوي على مطبخ داخل المأوى، ويمكن أن تؤدي حرائق الطهي غير المنضبطة إلى اشتعال النيران في المأوى”.

وحول أسباب زيادة الحرائق، قال سليم خالد، إن أبرزها “غياب إجراءات السلامة داخل هذه المخيمات، خصوصاً العشوائية في تمديدات الكهرباء التي يقوم بها النازحون أنفسهم، والاستخدام غير الآمن للغاز المنزلي”. وكذا “طبيعة المساكن التي تتألف من الخيام البسيطة وتلتصق ببعضها”.

وضع المخيمات
تفتقر مخيمات النازحين بمارب لمعايير التخطيط والإنشاء، سواء من حيث المساحات الخاصة بمسكن كل أسرة أو نوعية المواد المكونة له، وهو ما شكّل أساسًا لتلاصقها وربطها بالكهرباء عشوائيًا.

وهذا ما أكّدته رواء غانم، بقولها إن “معظم المخيمات أُنشئت بدون تخطيط مسبق، ولا يتوفر فيها أدوات حماية وسلامه سواء للحرائق أو السيول”.

ويعود السبب، وفق إفادة الشجني، منذ البداية إلى قيام النازحين بتخطيط بعض المخيمات وإنشائها بأنفسهم، والتي بلغت 13 مخيمًا عام 2016 وصولاً إلى 197 مخيمًا حالياً؛ تضم نازحين من 16 محافظة. مضيفاً أن المخيمات توسّعت وتزايدت عشوائيًا مع غياب المنظمات الدولية والوحدة التنفيذية التي لم تبدأ عملها بمارب إلا في 2019، وحينها بدأ تواجد المنظمة الدولية للهجرة ونشاطها بإدارة المخيمات.

وكشف الشجني، عن إشكالية تواجه تخطيط المخيمات وترتيبها قبل النزوح إليها وهي “عدم وجود أراضي للدولة”. موضحاً أن المجتمع المضيف هو من تعاون بتسكين النازحين في أراضيهم.

ورداً على سؤال معد التحقيق بشأن تخطيط المخيمات، قال فريق التواصل بمنظمة الهجرة، إن “جميع المواقع في مأرب هي مواقع نزوح ذاتية الاستقرار، أي أنها غير مخططة مع وصول النازحين داخلياً أولاً، ومن ثم قامت السلطات المحلية بطلب دعم الاستجابة الإنسانية من المنظمات”.

وعن تزويد المخيمات بالكهرباء، قال دغيش، إن مؤسسة الكهرباء حريصة على إيصال الخدمة للنازحين لأهمّيتها خصوصاً في ظل الظروف المناخية لمارب”. مضيفاً أنه رغم وجود صعوبات أمام إنشاء الشبكات؛ ومنها عدم وجود مخطط واضح لوحدات الجوار والبنية التحتية اللازمة، إلا أن المؤسسة تحاول قدر الإمكان توفير أعمدة طويلة، وتتخذ إجراءات السلامة بأقصى حدودها.

نزل معد التحقيق إلى مخيم الجفينة، وهو أكبر موقع نزوح بمحافظة مارب واليمن عموماً، ووثّق جانبًا من الربط الداخلي لشبكة الكهرباء. ويضم المخيم 10 قطاعات نزوح.

وفيما يتعلق بالإدارة والتنسيق، أوضح تقرير الوحدة التنفيذية الخاص باحتياجات النازحين الشتوية 2022، أن 86 مخيمًا فقط تُدار من قبل كتلة الإدارة والتنسيق (CCCM)، فيما 111 مخيمًا بدون إدارة.

ويعد المأوى حاجة أساسية للنازحين “فغالباً ما تكن الخيام بالية، ومتهالكة، ومكتظة بالعديد من الأسر التي تشترك في خيمة واحدة”، وفق تقرير الاستجابة الشهرية للهجرة (يناير 2022).

وتتنوّع مساكن النازحين في مارب بين مأوى طارئ (خيمة من الخشب والطرابيل مصممة للاستخدام فترة 3-6 أشهر)، ومأوى مؤقت (شبكيات حديد وطرابيل أو عشش ومواد محلية)، ومأوى انتقالي (كرفانة معدّة للاستخدام من 6 أشهر إلى سنتين)، وفق نازحين ومصادر إغاثية.

انفوجرافيك: أعداد الأسر النازحة وفق نوع المأوى
انفوجرافيك: أعداد الأسر النازحة وفق نوع المأوى
ويأتي المأوى الطارئ بنسبة 55% والمؤقت 17%، وفق تقرير الوحدة التنفيذية السابق، الذي دعا المنظمات “لتحسين جودة المأوى، والانتقال من المأوى الطارئ والمؤقت إلى الانتقالي لضمان تدخلات الحد الأدنى وفق المعايير، ولحماية الأسر النازحة والتخفيف من معاناتها”.

استجابة ضعيفة
عادة ما تكون حوادث الحرائق مفاجئة، وتتوسّع بسرعة تفوق قدرة الأهالي الذين يبادرون لمواجهتها بإمكانياتهم البسيطة والمحدودة.

عن سبب تأخّر استجابة الدفاع المدني، أوضح العقيد الشفلوت، أنه “غالباً يتأخر البلاغ، وأحياناً عدم الإبلاغ مباشرة إلى إدارة الدفاع المدني أو عدم الإبلاغ نهائياً، وأما ما يصل إلينا فإننا نقوم بدورنا في الاستجابة المباشرة لمكافحة الحرائق وإخمادها”.

وذكر تحدّيات تواجه عمل إدارته؛ ومنها عدم وجود “مراكز إطفاء في عاصمة المحافظة وفي بعض المخيمات الكبيرة مثل الجفينة وغيرها، وهذا يعيق الانتقال الفوري إلى مكان الحريق”.

وحول استجابة الهجرة، وهي رئيسة الكتلة الوطنية لإدارة وتنسيق المخيمات وتدير 34 مخيماً للنازحين بمارب، قال فريق التواصل بالمنظمة، إن “أي حادث حريق في المواقع التي تديرها يتم التصرف على الفور لمنع الحريق من الانتشار إلى المآوي الأخرى من خلال مراقبي الإطفاء المدربين التابعين للمنظمة الدولية للهجرة. كما توفّر مواد الإغاثة في حالات الطوارئ (مواد الإيواء، والمواد غير الغذائية، والخيام، والأغطية البلاستيكية أو المساعدات النقدية) في غضون 48 ساعة”.

وعن استجابة كتلة المأوى، قالت رواء غانم، إن الكتلة “تقوم بتحويل البلاغات التي تتلقاها حول الحرائق إلى الشركاء ومتابعتهم لضمان الاستجابة العاجلة، وأيضًا البحث في تقييم كل حالة حريق وسببها”.

ولدى مجموعة المأوى أكبر شبكة شركاء في البلاد؛ تضم أكثر من 200 وكالة إنسانية، وفق استراتيجية تنمية قدرات كتلة المأوى في اليمن (2022- 2024).

وأمَّا الاستجابة بعد الحرائق، فقال الباحث سليم، إنها “تقتصر على الاستجابة الطارئة التي توفر احتياجات الأسر المتضررة من غذاء وإيواء، ولا يوجد حسب علمي أي استجابة أو برنامج للحد من الحرائق ومعالجة أسبابها”. مضيفاً أن هذا “واضح تماماً من المسار التصاعدي لأعداد الحرائق والضحايا خلال الثلاث السنوات الأخيرة”.

وبشأن التعويضات للمتضررين، قال إنها “في حدودها الدنيا ولا ترقى لوصفها بالتعويضات، هي مساعدات واستجابة طارئة للأضرار المادية”.

تهديد مستمر
لا يوجد حتى الآن آلية لمنع الحرائق أو الحد منها على الأقل. وهذا ما أكّدته الوحدة التنفيذية، في تقرير الاحتياجات الإنسانية (2023)، والذي طالبت خلاله “كتلة وشركاء المأوى” بالعمل معها “على وضع آلية لمنع الحرائق في مخيمات النازحين”.

وكانت الوحدة قد طلبت في تقريرها النصفي للعام 2022، بتوفير الاحتياجات الطارئة بقطاع الحماية ومنها: 11 عربة إطفاء، وثلاثة مراكز إطفاء، و45 بدلة إطفاء حرائق، و12 ألف طفاية حريق (10 كيلو) و10 آلاف طفاية أخرى (6 سم) للمخيمات.

من جانبه، أشار المهندس دغيش، إلى احتمالية وقوع “حرائق جماعية بسبب تلاصق المساكن وغياب معايير السلامة ودور الرقابة”. موضحاً أن الوضع التأسيسي للمخيمات يؤدي لحدوث الكوارث.

وخلص تقرير لفريق تنسيق مجموعة (CCCM)، إلى أن المخاطر المرتبطة بالحرائق تأتي ثانياً في سلم التهديدات الأكثر شيوعاً لمخيمات النازحين في مارب بعد الحوادث المتعلقة بالحرب.

وأوضح التقرير، الذي جاء نتيجة مسح ميداني شمل 174 موقعًا من أصل 208 مواقع نزوح بمارب بين يناير ومايو 2022، أن 78% منها بدون تدابير السلامة من الحرائق. موضحاً أن الكهرباء متوفرة بـ81% من هذه المواقع.

وإجمالاً، يشير سليم خالد، إلى أن “الأمر يتجه ليصبح ظاهرة مع المسار التصاعدي لأعداد الحرائق”.. محذراً من تفاقمها وخروجها عن السيطرة “إذا توقف الأمر عند الاستجابة الطارئة وحصر الضحايا”.

ملفات مفتوحة
من خلال الزيارات الميدانية لمعد التحقيق ولقاءاته مع نازحين ونشطاء إغاثة ومسؤولين محليين، يظهر أن تأخّر ومحدودية استجابة المنظمات الدولية وضعف قدرات السلطات المحلية وعجزها عن احتواء حركة النزوح وتنظيم التدخلات الإنسانية والتوعوية سبب أساسي لاستمرار الحرائق.

وعن مسؤولية استمرارها، يرى مدير مركز قرار للدراسات الإنسانية، أن “المسؤولية بدرجة أساسية تقع على سكان المخيمات، وتالياً تقع على كتلة الحماية وعلى الوحدة التنفيذية اللتين يفترض بهما وضع البرامج العملية التي تحد من حدوث الحرائق”.

وحول دور كتلة المأوى، قالت رواء غانم، إن الكتلة الفرعية بمارب عقدت “اجتماعات للتعرف على أسباب الحرائق وكيفية الحد منها”. مضيفة أنه “يتم العمل حاليًا على دراسة الحلول المقترحة، وأيضًا العمل بشكل دائم على تطوير المأوى ليكون مقاومًا للحرائق بشكل أفضل”.

وبشأن تدخلات المنظمة الدولية للهجرة، قال فريق التواصل، إنها تقدّم “حزمة شاملة متعددة القطاعات من المساعدات الإنسانية لمنع احتمالات اندلاع الحرائق”.

وفيما يتعلق بالإجراءات اللازمة لمنع الحرائق، ذكر الفريق أربع خطوات هي: “تحسين الكهرباء في مواقع النازحين ومنع التوصيلات العشوائية، وتوفير مطابخ للنازحين يمكن تشييدها خارج البيوت الآمنة، وتجهيز المآوي بمواد غير قابلة للاشتعال، والاستمرار في عمل جلسات التوعية وتوزيع طفايات الحريق”.

وحتى لحظة كتابة التحقيق ما تزال ملفات الأسر المتضررة مفتوحة، وعشرات الأسر النازحة مشاريع حرائق قادمة، وما بينهما تحركات رسمية وإنسانية متواضعة لا ترقى لمستوى الخطر الذي يُضاف إلى معاناة النازحين المتفاقمة نتيجة الحرب وتداعياتها المستمرّة منذ ما يزيد عن 8 أعوام.

*أنجز هذا التحقيق الاستقصائي بإشراف الزميلين من شبكة “يمان”:

  • محمد يحيى جهلان
  • أحمد الواسعي

شاهد أيضاً

رئيس المجلس التنسيقي للسلطات المحلية بالمحافظات غير المحررة يعقد لقاء لمناقشة زيارة الرئيس إلى مأرب

اقليم تهامة ـ مأرب ترأس محافظ محافظة ريمة رئيس المجلس التنسيقي للسلطات المحلية بالمحافظات الغير …