أخبار عاجلة
الرئيسية / الأخبار / أخبار محلية / في ظلال يوم أحد

في ظلال يوم أحد

اقليم تهامة – كتابات / احمد عبدالملك المقرمي

كان اليوم السابع من شهر شوال من العام الثالث الهجري يوما تاريخيا بامتياز  ؛ ذلك أن قريشا كانت تحشد سرا لمعركة حاسمة تخوضها ضد المسلمين، انتقاما من هزيمتها المرة في غزوة بدر ، ولعلها تعيد لسمعتها الاعتبار بين العرب.

   و لما رأت أن استعداداتها أوشكت على التمام بدأت تتحرك علنا لحشد الطاقات الإعلامية لاستقطاب مزيد من الحلفاء إضافة إلى من انضم إليها من قبائل تهامة الحجاز و الأحابيش، و هو الأمر الذي سخرت له الشعراء؛ تستنهض بهم الهمم و تؤلب القبائل، و تثير حماس الموتورين بمكة ممن فقدوا أقاربهم يوم هزيمتهم في بدر .

   لم تدخر قريش شيئًا يمكن توظيفه للمعركة إلا بذلته و استعانت به، حتى أنها لم تتردد في الدفع بالنساء للمشاركة فى الخروج مع مشركي مكة قاصدين المدينة المنورة ؛ و لتكن النساء عاملا من عوامل استبسالهم حتى لا تتكرر عليهم هزيمة بدر، و أمر آخر من أجل أن يكُنّ خلف الصفوف للتحريض ؛ و لتحميس صف المشركين و إثارة نخوتهم.

   سبق ذلك أن زعماء قريش بمكة المكرمة تواطؤوا على إقناع قريش – رضا أو ضغوطا – بأن تجعل كل المال الذي كانت تحمله القافلة و نجا به أبو سفيان و لم يقع بيد المسلمين ؛ أن يخصص كلية لمعركتهم التي يعدون لها ضد المسلمين، و بهذا مشى زعماء مكة إلى كل من له مساهمة تجارية  في تلك القافلة مهما كانت مساهمته كبيرة أو صغيرة أن يرفد به المجهود الحربي لقريش.

   و حين أعلنت قريش ساعة صفرها للتحرك نحو المدينة المنورة، هنالك بعث العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة للنبي عليه السلام يخبره بقرار قريش.

   و وجدت المدينة المنورة، بل وجد المسلمون أنفسهم أمام حرب فرضت عليهم، و في مثل هذه الحال لدى أي بلد أو جهة أو فئة حية إلا أن تتخذ أحد موقفين : التصدي و مقاومة من فرض عليهم الحرب – و هو ما يقفه الأحرار و الشرفاء في كل حين و مكان – أو الاستسلام، و ليس ثمة من خيار أو بديل آخر . فهي حرب فرضت فرضا و لم يَسْعَ إليها أحد، و التباكي من كلفة الحرب و خسائرها المادية و البشرية لا محل لها مع من يجد نفسها مضطرا للدفاع عن مقدراته و مكتسباته و هويته، و لا محل كذلك للمتباكين على السلام، يوم أن يقف المتباكون يذرفون حروف التباكي على السلام و يسوّون بين الضحية و الجلاد متناسين أن هنالك حربا مفروضة لا تقيم لأي اعتبارات أدنى وزن ؛ لأنها إنما تريد فرض هيمنتها و جبروتها و إرادتها على الآخرين بقوة السلاح.

   و لما لم يجد النبي الكريم و المسلمون معه غير التصدي و مقاومة من يشن عليهم الحرب فقد أعلنوا قرار المواجهة، و هو القرار الذي كشف موقف المتخاذلين و المنافقين ؛ حتى قال قائل المتباكين يومها – عبدالله بن أبي – ( لا ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا )!

   و المتخاذلون و المتباكون يكررون هذا الموقف في كل زمان و مكان ، و يتسترون تارة بأنين البكاء على السلام، و تارة بإظهار الحسرة على كلفة الحرب.

   بل راح  – هذا – و من معه من المتباكين و المتخاذلين يرجفون و يبلبلون : ( الذين قالوا لإخوانهم و قعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤوا عن أنفسكم  الموت إن كنتم صادقين ) 168 آل عمران.

   يبقى المتخاذلون و المتباكون – دوما – بؤرة إرجاف و بلبلة، فيذهبون إلى  تغطية  عجزهم و جبنهم عن المشاركة في اتخاذ القرار الذي لا بديل عنه و هو مواجهة المعتدين بالتباكي عن السلام، و هم هنا يدعون للانبطاح و الاستسلام.

   إن المواقف لا يقررها المبلبلون، و التاريخ لا يصنعه المرجفون و المترددون ؛ و إنما تصنعه – بعد فضل الله  – إرادات و عزمات ترفض الذل و الخنوع، و تستبدل التردد بالإقدام، و التشرذم بالاصطفاف والتوكل على الله( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) 174،173 آل عمران.

شاهد أيضاً

مأرب.. 30 طالبة جامعية يختتمن دورة في ثقافة السلام

اقليم تهامة ـ مارب: خاص اختتمت اليوم في محافظة مأرب دورة تدريبية لـ 30 طالبة …