أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / مأرب الورد : ​”مطارح” مأرب.. حين تلوذ القبيلة بحماها

مأرب الورد : ​”مطارح” مأرب.. حين تلوذ القبيلة بحماها

​”مطارح” مأرب.. حين تلوذ القبيلة بحماها
مأرب الورد – مجلة الجزيرة

 

“المطارح”.. تجمّع احتجاجي مسلح تتداعى إليه القبائل كلما داهمها الخطر، أو قررت قوة من خارج مناطقها غزوَها، وفيه تناقش خياراتها وتحدد مواقفها القادمة، بعد توحيد صفوفها و


إعداد القوة العسكرية اللازمة لمواجهة الخطر المتوقع.

 في محافظة مأرب شرقي اليمن, تواصل القبائل حشودها في مطارح منطقتي نخلا والسحيل شمال المدينة بمسافة تزيد عن 15 كلم، ولها مطارح أخرى في الجهات الجنوبية والغربية، وكلها تهدف إلى حماية المحافظة الغنية بالنفط والغاز من محاولات اجتياحها من قبل الحوثيين. 

والمطارح تطلق على اسم المكان الذي تتخذه القبائل مقرا لتجمع مسلحيها، ويتم اختياره لعدة عوامل، منها قربه من مصدر الخطر المحتمل, أي من الجهة التي يتوقع دخول القوة الغازية في حالة الحرب، وأن يكون أرضا واسعة مستوية بموافقة صاحبها قبل ذلك.

 وتدفع كل قبيلة بما تقدر من رجالها بسلاحهم واحتياجاتهم الأخرى، بحيث يمثلون كل القبائل أو مديريات المحافظة الـ14. ويبقى تمويل المطارح طوعيا وحسب استطاعة كل قبيلة.

 ويستمر التواجد في هذه المطارح حتى انتهاء المهمة، أو زوال الخطر الذي استدعى وجودها، ويتولى إدارتها قيادة منتخبة من رئيس وأعضاء يحدد عددهم وفق المهمات، ويتم اختيارها من قبل الحاضرين في المطارح بالتصويت الشفوي، على أن تكون من أصحاب الأرض وتتمتع بخبرات القيادة واحترام الجميع.

 توزع القيادة المنتخبة المهامَّ على أعضاء المطارح والتي تشمل مهام “وضع الاستعداد القتالي”, بحيث يتم توزيع المسلحين على المواقع المتقدمة في الخطوط الأمامية والمواقع المحتمل وجود الخطر منها.

 وتتولى مجموعة مهامَّ الاستطلاع والمراقبة على مدار الساعة لرصد كل المستجدات، خاصة محاولات تسلل مسلحي الجهة المهاجمة، وموافاة القيادة المعلومات لاتخاذ القرار، بينما تشرف مجموعة أخرى على تعليم غير المتدربين على الرماية بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.

 أثناء زيارتك للمطارح تجدها تشبه معسكرا تابعا للجيش في حالة تأهب وجاهزية قتالية عالية، وتدريبات مستمرة بانضباط والتزام بالمهام وطاعة للأوامر دون اعتراض.

 لا يوجد في المطارح سن محدد للانضمام ولا قانون “للتقاعد”, فالجميع -كبارا كانوا أو صغارا- حاضرون، جمعهم الخطر المشترك والمصير الواحد، بل لا فرق هنا بين صغير وكبير إلا في المهام المحددة، وتنفيذ الواجبات على أكمل وجه.

 يقول عبد الله صالح -أحد مسلحي المطارح- إن أهم إيجابياتها إلى جانب توحيدها الجميع على هدف محدد، إنهاء الثارات القبلية مؤقتا، والتزام المتخاصمين بأعراف وأخلاق القبيلة بعدم تصفية الحسابات في هذا المكان، مهما كان عمر الثأر بين أي قبيلتين.

وأصبحت المطارح محط اهتمام الرأي العام اليمني، فينظر إليها باعتبارها حائط الصد المجتمعي الأخير للتصدي للحوثيين وإفشال مشروعهم، نظرا لقوة القبائل وتماسكها الاجتماعي وتمرسها على القتال في الصحراء، وهو ما لا يجيده الحوثيون الذين تمرسوا على القتال في الجبال، الأمر الذي أعجزهم منذ أواخر سبتمبر/أيلول الماضي عن دخول المحافظة.

 ولا يكاد يمر يوم إلا وتستقبل المطارح وافدين -زوارا أو ملتحقين- من أبناء المحافظة أو من قبائل المحافظات المجاورة التي تندرج ضمن إقليم سبأ، وهي مأرب والجوف والبيضاء.

 كما أنها باتت مقصدا لمراسلي وسائل الإعلام الخارجية، خاصة من الأميركيين والأوروبيين الذين يأتون لتقصي أي وجود لعناصر تنظيم القاعدة، بسبب الحملة الإعلامية التي تشنها جماعة الحوثي بهدف خلق مبرر لدخولها المدينة، واستدعاء الطيران الأميركي لقصف المطارح بحجة وجود التنظيم فيها، وهو ما تنفيه القبائل.

 وتحرص قيادة المطارح على تنظيم برنامج يومي يشمل استقبال الزائرين وتعريفهم بالمطارح وإكرامهم بذبح الإبل أو الغنم، وإطلاق الرصاص ترحيبا بقدومهم والتزاما بالتقاليد المتعارف عليها, فضلا عن تفقد الجاهزية القتالية واستكشاف المهارات لدى المقاتلين، وصيانة الأسلحة وتلبية الاحتياجات المطلوبة. 

وتنظم مسابقات في ألعاب كرة الطائرة والرماية بمختلف الأسلحة وحتى في المناورات، ويُكرّم من يجيدون إصابة الأهداف بجوائز في حفل تكريمي يحضره حشد كبير.

وبين الحين والآخر تحرص القبائل على إرسال رسائل تحمل مضامين القوة والاستعداد وإظهار القدرات القتالية، وذلك بتنظيم عروض عسكرية بمختلف الأسلحة -عدا الدبابات وسلاح الجو- وتحضره وسائل إعلام مختلفة.

يتخلل العرض كلمة ترحيبية وقصائد شعرية حماسية وأغان شعبية، ويطلق المقاتلون الرصاص بمختلف الأسلحة، وتجوب الدوريات أرض المطارح وهي تحمل أسلحة متنوعة من الرشاش إلى مضاد الطيران.

 وتعد أيام العروض العسكرية والجمع الأسبوعية من أكثر الأيام حضورا للمسلحين الذين يزداد عددهم كلما دعت الحاجة واقتضت الضرورة. ويقتصر حضور المطارح على المكلفين بالمهام الذين يقدر عددهم بالمئات، بينما يصل عدد المسلحين الجاهزين لأي معركة نحو عشرة آلاف مقاتل.

 كما تولي قيادة المطارح أهمية خاصة للإعلام وما ينشر فيه، ولهذا أنشأت صفحة باسمها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”, وتصدر بيانات لتوضيح موقفها من أي قضية، وتوجه الدعوة إلى كل الصحفيين لزيارة مواقعها والاطلاع على حقيقة الوضع عن كثب، بدلا من الاعتماد على مصادر مضلِّلة تهدف إلى تشويه سمعة القبائل.
ملاحظة///
هذا التقرير أعديته عقب زيارتي لمطارح القبائل في منطقتي نخلا والسحيل بمأرب في إطار استعداداتها المبكرة لمواجهة الحوثيين بعد سيطرتهم على صنعاء في 21 سبتمبر ونشرته المجلة في عدد نوفمبر

#مطارح_مارب

شاهد أيضاً

تهامة والإمامة.. قصة نضال

اقليم تهامة ـ د. ثابت الأحمدي قصة النضال في اليمن تجاه أسوأ جماعة عنصرية سلالية …