أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / عبدالحفيظ الحطامي : كيف توفي ابو زيد تحت التعذيب .. هنيئا لأديم الارض دمعة سجودك

عبدالحفيظ الحطامي : كيف توفي ابو زيد تحت التعذيب .. هنيئا لأديم الارض دمعة سجودك


 عبدالحفيظ الحطامي 

هنيئا لتلاميذك في مدرسة الارشاد بقرية المحال .. وانت تلقي عليهم درس الحرية شامخا في ساحة الصمود .. تدون في حدقاتهم الغرثى .. معنى الحرية في اسمى تجليات معانيها .. اختطفك القتلة وانت في ساحة الدرس والمدرسة  .. كانت دروس الحرية تتسع في ذاكرة تلاميذك .. اذ كان خاطفوك يحملونك على طقم عسكري به بضع اميون وسلاح وقات وزامل ، كان القلم في جيبك وكانت علب البردقان في جيوبهم المتسخة .. كم من الوقت والزمن كنت بحاجة لإلقاء دروس الحرية على نلاميذك ، ها أنت تحفر في ذاكرتهم .. قيمة الحرية . ترفض الانكسار .. تصر على مناهضتك لقوى التخلف والانقلاب والموت والاحقاد ، هزمتهم يا ابو زيد ورب الكعبة هزمتهم والله معك ، والحق معك وكل الاحرار معك ، هزمتهم يا ابو زيد اين قاتليك الآن ، اين هم ؟ واين انت ؟ اخبرهم قلهم اين انت الان يا ابو زيد ؟ .. في مقعد،صدق روحك في خواصر طير خضر في الجنة ، لا نزكيك .. لكن الله وعد عباده الشهداء بذلك .. 
قاتلوك الان بلاروح .. مجرد اسمال بالية .. تهرش رؤوسها بقلق وخوف ، تذلق كيس البردقان في فمها لتتغلب على النعاس والارق والجرب والموت ، يبحثون عن لقمة وقات وكيس شمة وضحية جديدة ، لفرط تخليهم عن انسانيتهم ، اليوم يقتتلون بالمخلب والناب ، على مانهبوه من اقوات الفقراء .. لمن لا يعرف .. محمد ابو زيد رئيس فرع التجمع اليمني للاصلاح من منطقة الحشابرة مديرية الزيدية بمحافظة الحديدة ، شاب في عقده الثالث ، معلم وسياسي وناشط شبابي ، اختطفته المليشيات من داخل مدرسته وزجت به في سجونها المظلمة ، كان آخر سجن اعتقل وعذب فيه حتى الموت ، مقر مؤسسة الغيث الخيرية التي اتخذتها مليشيا الحوثي والمخلوع مركز اعتقال ، اوكل القتلة اليك متحوث من منطقة المعروفية ، انجز مهمة وجريمة المخلوع علي صالح ، في منطقة الحشابرة ، جهازه الامني الذي قتل نساء واطفال ومسنيين في عام 1994 م  بتهمة ان ابناء الحشابرة انفصاليون ، قتلهم جهاز مخابرات المخلوع في قضية كيدية ، عدد من السكان ، قتلهم بصمت ودفنها مشائخ ونواب العار في البرلمان ، كقضية تهامية دفنت مع مئات الجرائم التي ارتكبها نظام المخلوع بحق ابناء تهامة ،  انتهى كل شيئ في الحشابرة ، لتستيقظ على وجع آخر ، على جريمة سوداء تقشعر لها الابدان ،  لتستدعي الحشابرة من الذاكرة يوم الثلاثاء الفائت ، تلك المجزرة ، بفاجعة دموية أخرى ، متى كان للمخلوع وكلابه قلب ؟ اسألو التاريخ ؟ اسألو عدن تعز الضالع شبوه لحج اب دماج ارحب الجوف ؟ كيف صنع المخلوع كائنات بشرية بهيئة ذئاب ؟ تعود مليشيا الحوثي والمخلوع بمحمد عبدالله ابو زيد جثة هامدة ، بعد اشهر من التعذيب ، اختطف في 1 / 2 من العام الجاري ، توفي تحت التعذيب  في منتصف الشهر مايو الماضي ، اعلنت المليشيات وفاته وسلمته لاسرته يوم الثلاثاء الماضي 8 / 11 / 2016 .
كيف قتل ابو زيد تحت التعذيب ، كيف لفظ انفاسه الاخيرة وودع رفاق دربه في سجدته الاخيرة والقى نطرة الوداع الاخير على وجوههم الموجوعة ، القيت مهمة تعذيب ابو زيد ، لأحد عناصر المليشيات المتحوثة لاكمال مشهد التعذيب حتى الموت ، تعرض ابو زيد للتعذيب بالكهرباء والصعق والتعليق على الخشب والسقف والضرب باسياخ واسلاك حديدية في اماكن حساسة حتى فقد كليته بعد ضرب عنيف فيها ، اوكلت المهمة بعد،ذلك لندل من ابناء مديريته من المعروفية ، خلع المخلوع قلبه ليكون حيوانا سافلا ، تحول الوغد ابن المعروفية الى جزار وقاتل ، كان مطلوب من ابو زيد ان يوقع تعهد تحت التعذيب بانه لن يعود لمناهضة الانقلاب ويقدم استقالته من الاصلاح ، رفض ابو زيد كل املاءاتهم ، رفض كل تهمهم ، طالبهم بمحام وبنيابة ، بإنسان يفهم معنى الانسانية ، بكائن لديه احساس آدمي ، كانوا يقولون له هذا شغل الزعيم ؟ نحن المحكمة والنيابة والسجن والسجان .. من بعدها لم يكن امام ابو زيد سوى تسليم نفسه وروحه وكيانه لله ، كان زملاؤه يسمعون صراخه ليلا يدوي في مركز الاعتقال .. يا الله يا الله يا الله .. كان الجلادون والقتلة يتعبون ازاء قوة ايمانه وصلابته وتحمله ، كانوا ينكسرون وهو شامخ متسامق بقوة ايمانه ، كان يواجه ضربهم حقدهم وحشيتهم ، بلسان لا تفتر من ذكر الله ، يا الله.. كان صوته بالله يرتفع الى خارج السجن .. كان جيران السجن يغلقون اذانهم لينامون ، حتى لا يؤرقهم انين وصراخ ابو زيد .. كانت مليشيات الحوثي  والمخلوع منذ منتصف شهر يوليو الفائت تذهب لعائلته تأخذ من زوجته واطفاله مالا لعلاجه حتى انها لم تعد تقدر على دفع المال ، والحقيقة كما روى متحوثون ، بأن محمد ابو زيد قد توفي ، في يوم من شهر مايو ،  امام عدد من رفاق سجنه .
سأل احدهم الطبيب الذي يدخلونه عليه ، اخبرهم بأن ابو زيد سيموت ،  قال لهم ابلغتهم يسعفوه لان حالته خطيرة ، وان الكليتين تورمت وتفتت جراء الضرب عليها وصعقها بالكهرباء ، لكنهم كانوا يرفضون اسعافه ويكتفون باعطائه مهدئات ، ذات يوم من شهر مايو الماضي نقله الحوثيون بعد عملية تعذيب طويلة وقاتلة ، اعادوه الى زنزانته مكبلا محمولا متكوما ، ومعه عدد من رفاق دربه ،  كان في حالة انين وتوجع من التعذيب ، لكنه  كان مبتسما شامخا محتسبا ، قال لرفاقه لا تخافوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون ، قال لهم سأودعكم سامحوني ، قال لهم اطفالي اهلي اخواني جيراني تلامذتي ،  وكيلهم رب لا يظلم عنده احد ، حدق في وجوه رفاقه ، سجد سجوده الاخير ، يقول احد رفاقه ، رفعناه حينما طالت سجدته ، وجسده اسند للجدار ، حاولنا ان نتحدث معه كان مبتسما ، وعيناه جمدت ، واطرافه ابرد من الثلج ، استشهد محمد ابو زيد ، وحدها الابتسامة لم تمت في شفتيه ، توفي ابو زيد تحت التعذيب بأعين مفتوحة ، ساخرا من قاتليه .. يقول احدهم بعد استشهاده ، اظلم السجن ، الجدران الاشداق الانياب العصي الاسلاك الانين والصراخ والالم تداخلت الاشياء ببعضها ، الاسماء والمسميات ،  تلقينا كل العذابات بصبر وصمت من بعد ابو زيد .
كان الله يسكن قلبك وعقلك وروحك وأنفاسك ووقتك وبريق عينيك يا ابو زيد ، فاضت روحك في آخر سجدة لله .. لترقى الى ربك ساجدا شهيدا نظيفا متوضئا .. 
بينما كان الشيطان والسيد والزعيم يسكن عقول وبطون وجيوب قاتليك .. عادوا يستجرون القات كالقطيع .. يرون لأسيادهم بانتشاء بائس .. كيف قضى ابو زيد تحت سياطهم ، ولسانه يلهج يا الله .. ياااا الله ..  سكب دموعه ساجدا بين يدي الله .. عطر بها اديم الارض .. هنيئا للأرض دمك ودمعك .. هنيئا للجدار الذي اسند أنين جسدك الشامخ الذي رفض الانكسار لغير الله .. هنيئا للأرض التي ضمت رفاتك يا صديقي .. هنيئا لك طهر الشهادة وسمو السجود ، ودروس الحرية والتضحية ، التي القيتها من اول حرف على سبورة تلاميذك ، وحتى آخر شموخ  لابتسامتك الوارفة .. 
لقتلتك ان اخطأتكم عدالة الارض ، فعدالة السماء لا تخطئ .. فالحياة دول ، والمخلوع زائل ، والله حي لا يموت .

شاهد أيضاً

تهامة والإمامة.. قصة نضال

اقليم تهامة ـ د. ثابت الأحمدي قصة النضال في اليمن تجاه أسوأ جماعة عنصرية سلالية …