أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / ​التاريخ لايرحم!

​التاريخ لايرحم!


كتبه علي محمد العقب

 

الذي لايخاف الله، تجده في اقل القليل يخشى التاريخ، فـ”ابو لهب” حينما قال: ما فارقت دين عبد المطلب ولكن أمنع ابن أخي أن يضام (يقهَر ويظلَم) حتى يمضي لما يريد .. وقيل انه لم يخرج مع قبيلة قريش عندما ذهبت لقتال رسول الله يوم غزوة بدر، خشية ان تقول العرب شيئاً عن بني هاشم.
وبرغم كفره والجاهلية المهيمنة على عقليته، لكنه أثبت أنه يخشى التاريخ، ويخشى ان يحتفظ التاريخ بما يشوه سمعة قبيلته، ليس خوفاً من الله ولا حباً في الرسول، وانما خشية التاريخ، لكونه يعلم ماذا يعني التاريخ بالنسبة له و لأي إنسان.
لكن الحوافيش (الحوثيين والعفاشيين) باصرارهم على ارتكاب جرائمهم اليومية، لايخافون الله ولا يخشون التاريخ، ولم يستفيدوا من جدهم الاول “ابو لهب” وهذه هي الجاهلية والهمجية المفرطتان، فلايخافون الله ولا ماذا ستسجل عنهم تلك المدونات التاريخية من كوارث، ومن لايخشى التاريخ فإن التاريخ لن يرحمه.
نعم! لايخشون ماذا ستقول عنهم الاجيال سواء جيل اليتامى (المستببين هم بيُتمِهم) او اجيال المستقبل القريب والبعيد، حينما تعود في قراءتها لإستشهاد تلك الجرائم المأساوية والكارثية وتلعن معها مرتكبيها ونهجهم ومعتقداتهم الفكرية والسياسية وتُعبر عن الاشمئزاز مما هو منسوب لدينهم الإسلامي البريء من افعالهم كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.
لايدركون ماذا يورثون لهم ولأجيالهم من تاريخ اجرامي اسود عفن، غير سهل المرور بنجاة من عقوباته التي ستلاحقهم وتلاحق ابنائهم، ليس بالثأر، بل بما هو أسوأ منه، ألا وهي العقوبات التاريخية التي ستقف امامهم في كل مرحلة ومنعطف، في كل زمان ومكان، في كل ذكرى وتذكير، وتظل تحاكمهم، وتكشف زيف ادعاءاتهم كلما حاولوا المرور او الهروب منها، وستعيدهم اجيالنا الى تلك الجرائم والاحداث التاريخية التي خلفوها لإسكاتهم عند كل حديث ومطلب لهم.
لعلكم قد قرأتم قصة ابو ذر الغفاري وضمانته على رجل قاتل محكوم عليه بالاعدام ليذهب في زيارة اسرته ثم يعود، وهو لايعلم من هو ومن اين هو، فذهب الرجل وقبل الموعد قيل لأبي ذر جهز نفسك اذا لم يحضر المرء سيتم اعدامك، فاستعد ابو ذر لتلك العقوبة نتيجة لضمانته، ولكن الرجل حضر في نفس الموعد.. فقيل لأبو ذر لماذا قبلت ضمانته وانت لاتعرفه، فقال: خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من العرب، وقيل للرجل، كيف عدت وانت تعلم انه سيتم اعدامك، فقال: خشيت أن يقال ضاع الوفاء بالعهد من العرب.. فمثل هؤلاء فقط هم من يخشون التاريخ، ويدركون ما معنى التاريخ، فكانت خشيتهم على تاريخ امتهم من ان يشوه اكثر من خشيتهم على انفسهم، فظلوا حريصين عليه أكثر من حرصهم على حياتهم.
أما انتم أيتها الثلة العفنة فإنكم لاتدركون ماهو التاريخ، ولاتدركون ان للتاريخ محاكم واحكام وعقوبات ولعنات ومزابل، فلاتدركون ماذا انتم تسطّرون في ذاكرة هذا الشعب وتاريخه، ولاتدركون ماذا يكتب الشعر عنكم، وماذا تقول الروايات، وماذا يدوّن الكُتّاب من مآسيكم التي أمتدت على طول الوطن وعرضه، فلاخشيتم على تاريخ هذا الشعب، ولاتاريخ طائفتكم ومذهبكم المرفوضين أصلاً!.
وستطاردكم لعنات التاريخ وتعاقبكم اشد العقوبة، في مراحله الحالية والقادمة وتطردكم من الإنسانية والأخلاق وكل شيء جميل في هذا الكون، وتبرهن للعقول القادمة انما كنتم وحوش بشرية مجرمة مخادعة غادرة وكاذبة، كما احتفظت بما دونته عن وحشية وهمجية اسلافكم، ممن نحتفل بإزاحتهم من الحكم سنوياً، وستستمر.
سيرميكم التاريخ في مزابله، ليس بغرض نسيانكم فالتاريخ لا ينسى، وانما في عزلكم عن المشاركة في حياة أسأتم اليها، وأجرمتم بحق كل شيء جميل فيها.
ستلعنكم الاجيال كلما قرأت عن جرائمكم في مناهجها الدراسية، وما حفظته مرجعياتها الثقافية، والتاريخية، والسياسية، وحكايات الجدّات والاجداد لأحفادهم واسباطهم، وهي لعنة التاريخ الشديدة في الألم، والأبدية في الاستمرار.
ماذا سيقول ابناؤكم ايتها الشرذمة الإنقلابية المجرمة، ماذا سيقول الحوثي وحليفه عفاش، وماذا سيكون حديث ابنائهم ومناصريهم في المستقبل، هل سيتحدثون عن الديمقراطية، ام عن التعددية الحزبية، وعن اية قيمة انسانية او اخلاقية او دينية يا ترى سيتحدثون، لطالما والتاريخ امامهم.
التاريخ هو من سيرفض اية حديث لكم او لأبنائكم ومن سيأتي من نسلكم او صَبّ في مجاريكم .. وستظل مطرقة التاريخ تطالبكم بالصمت، ولن تسمح لكم بالحديث لطالما وقد قدمتم تعريفات عملية لكل المفاهيم والقيم النبيلة، فعن اية ديمقراطية ستتحدثون؟! هل عن ديمقراطية الكلمة التي كانت تزج بقائلها في غياهب السجون، ام حرية التعبير التي اغلقت الصحف ولاحقت الصحفيين، واغلقت كل المواقع الاخبارية وسيطرت على كل وسائل وادوات الاعلام الرسمية واحتكرتها ووجهتها نحو التحريض ضد الخصوم؟!!.
عن اي تعددية حزبية ستتحدثون؟! هل عن تعددية اغلاق مقرات الاحزاب وملاحقات القياديات الحزبية، واختطافها وايداعها السجون وحرمان أهاليهم من زياراتهم او الكشف عن اماكن تواجدهم، وسعيكم الحثيث نحو الغاء الحياة السياسية والحزبية؟!
عن أية نزاهة ستتحدثون ياهؤلاء؟! هل عن نزاهة تعاملكم مع الخزينة العامة للدولة، ام نزاهة رجالكم الاشاوس من مشرفين، ومسؤولين، وعمّال الجبايات، ممن يقومون بممارسة ابشع الوان الفساد التي لم يشهد لها التاريخ مثيل قط؟!.
اعتقد انكم لن تستطيعوا اقناع اجيالنا انكم كنتم بشر تنتمون الى هذه الامة المسلمة! لطالما والتاريخ أمامكم، حيث لا فرار منه ولا هرب.. ولن يمكنكم الحديث عن الثورات التي سيقدم التاريخ لاجيالنا شاهداً حياً عما اسميتموها ثورة قضت على الشعب ورمت به في وهاد الجوع والفقر والمذلة والمهانة وبحور من الدماء؟!
هل ستتحدثون عن الحرية؟!

لا .. اذ ليس لكم الحق في الحديث عن الحرية لطالما والتاريخ يقول انكم مارستم التعذيب في السجون الى حد الموت، وقمعتم المظاهرات والاحتجاجات السلمية، وقدمتم الفتاوي التي تُخوّن وتبيح دم من يطالب بقوت عياله.
لا ولن يمكنكم الحديث بلفظة واحدة عن الإنسانية، والضمير الانساني لطالما والتاريخ يقول انكم قصفتم المدن عشوائياً فارتكبتم المجازر الجماعية، وقتلتم الابرياء من الاطفال والشيوخ والنساء، ونثرتم الاشلاء في الازقة والشوارع وتحت الانقاض، وزرعتم الالغام في الطرق والاماكن العامة وملاعب الاطفال، وحاصرتم المدن والقرى ومنعتم عنهم المأكل والمشرب والدواء، فنثرتم دقيق القمح من على رؤوس النساء في الشوارع، وسممتم الآبار، وتبولتم في خزانات المياة، وافرغتم اسطوانات الغاز في الهواء، وقتلتم الأب امام الإبن، والأبن امام الأب، وقناصاتكم تصطاد النساء في الشوارع، والطلاب في المدارس، فعن اي وطنية ستتحدثون ايها المجرمون، وقد خربتم الوطن وحاربتم الشعب وحرضتم عليه الشعوب الاخرى، وجلبتم التدخلات الخارجية، وابليتم الشعب والوطن بالجرائم الجماعية والمعاناة المعيشية والكوارث الاقتصادية.
نحن ندرك انكم لاتخشون التاريخ الذي سيتمنى عنده اولادكم اعادتكم الى الوجود ومحاكمتكم وتنفيذ اقسى العقوبات بحقكم لكي يتخلصوا من ذلك الإرث وتلك السمعة التي يدفعون ثمنها على الدوام نتيجة للممارسات الاجرامية التي مارستموها بحق هذا الشعب المغلوب على امره، سيتمنى اولادكم انكم لم تكونوا ابائهم واجدادهم، وربما سيلعنوكم عن قناعة تاريخية أنكم تستحقونها.
انكم بجرائمكم واستمراركم في انتاج تاريخ يكيل عليكم اللعنات، ويوثق حجم حقدكم وكراهيتكم واجرامكم بحق هذا الشعب والوطن، لهو الكفيل بإجتثاثكم كفكر وفكرة سلبية عبثية وشاذة، وممارسة عملية اجرامية، لا مكان لها، ولامجال لذكرها إلا بذلك الوجه السلبي القبيح الذي رسمته آياديكم المجرمة بألوان دماء الأبرياء في صفحات التاريخ.
ومهما حاولت اجيالكم تحسين صورتها، سواء بالتخلي عنكم وعزلكم ونفيكم من حياتهم، او بالتبرئة منكم وافعالكم امام الله والمجتمع، إلا انهم سيظلون يعانون من عقوبات التاريخ، فالتاريخ لايرحم، ولن يمكنهم التسلل الى حياة اجيالنا وخداعهم بالدفاع عنهم كما فعلتم معنا في دفاعكم عنا واسقاط “الجرعة السعرية” عبر ثورة -كانت في حقيقتها ثورة مضادة- والتي دفعنا مقابلها دمائنا وارواحنا ودمرت حاضرنا ومستقبل حياة اجيالنا، وياليتها سقطت معها هذه الجرعة او وقفت عند الحد الذي وصلته، بل بلغت اضعاف اضعافها، وطالبتنا أخيراً بدعم البنك المركزي بعد نهب المليارات من خزائنه.
ايها الانقلابيين أن  التاريخ يقف لكم ولاجيالكم بالمرصاد، وهناك عشرات الآلاف ممن يدونون جرائمكم ويوثقونها بكل الوسائل التكنولوجية الحديثة، فلقد اجبرتم الطبيب، والكاتب، والاديب، والدكتور، والسياسي، والصحفي، والمهندس، والاستاذ، والطالب، والفلاح، والمزارع على حمل السلاح دفاعاً عن كرامته وشرفه من افعالكم وعدوانكم المجرم.
لن يمكنكم خداعنا مرة أخرى حتى وإن تأخرت مراحل النصر لبعض الوقت، والتي اراد الله لها التأخير لكي يعرفكم ممن لم يعرفكم الى حد الآن، وينضج سخط الشعب واستياؤه لينفجر في وجوهكم فجأة ويتحرر الشعب منكم الى الأبد.

شاهد أيضاً

ستشرق شمس صنعاء من أرض غزة

اقليم تهامة ـ ياسر ضبر تتحكم المخابرات الأمريكية والبريطانية بنظام الحكم الايراني، بل وتتربع عناصرها …