أخبار عاجلة
الرئيسية / الأخبار / أخبار محلية / عامر السعيدي يكتب عن البطل الشهيد الشدادي:(رثاء مبكر وبلا وعي)

عامر السعيدي يكتب عن البطل الشهيد الشدادي:(رثاء مبكر وبلا وعي)

قبل أمس قررت ولاول مرة أن أكتب عن قائد عسكري، ملأ العيون والقلوب، حبا وإعجابا.
وبالأمس اتصل….
لم أعرفه ولا سبق أن تلاقينا من قبل، كتبت بإعجاب مغلوب بلا بطل، وجد فيك البطولة كلها.
قبل أمس كتبت، وبالأمس وصلني اتصال مفاجيء، أنت فلان ، نعم، ها القائد يشتي يكلمك.
كنت مرتبك، اهلا يبني انتم تحملونا فوق وسعنا لكن ادعوا لنا نكون عند مستوى ظنكم.
الله يحفظكم يا فندم .. بخجل وارتباك
ما سوينا شي هذا بفضل الله وتضحيات الأبطال واقلامكم لا تقل اهمية .. تحتاج شي.. قال.
نعم ، كن بخير فأنت بطلنا والناس تأمل فيك كثيرا .. ضحك وضحكت وقال سنلتقي يبني .. مع السلامة . مع السلامة.
كنت سعيدا بهذه اللحظة، لم أقل لأحد لكي لا يقال أني كتبت عنه لمصلحة اوشيء، رغم أن صحفي معروف ومقرب من احد القادة العسكريين، لمزني بذلك في تعليق له، لم اكترث فهو يظن كل العسكرين كمن يعرف.
الوحيد الذي يعلم بالاتصال صديقي خالد العمودي، اخبرته عصر اليوم وهو يحدثني عن إعجابه بالمقال، قلت ان الفندم اتصل بي.
قبل ذلك سألني الاستاذ علي العمراني سفير اليمن في الاردن .. هل تعرف الشدادي؟ لقد انصفته يا عامر .. هو شجاع فعلا وانا اعرفه جيدا. اجبت، للأسف لم احظ بشرف معرفته، قال العمراني لازم تتعرف عليه هذا سليل قحطان وأرجوك قبّله على رأسه وقل له هذه من علي العمراني. ابتسمت وقلت خيرا.
اما الليلة فقد عرفته اليمن كلها والدنيا يا عم علي.
في اللحظات الأولى لوصول خبر مقتله وصلتني رسالة من أحدهم .. أخيل مات .
أرتعشت يداي .. اهتز قلبي .. صدقت فورا رغم انه يقول لي انتظر نتأكد .. سقطت دمعة ولم تنتظر .. كان فوران دمي وارتباكي يقولان..
أخيل مات ..
أخيل مااااات .
ولكن ألم تقل لي سنلتقي يبني ..
إذن، انتظر يا ابانا العظيم.. ارجوك اريد ان اقبل يديك وهامتك .. انحني لجلالك.
لقد قتلونا بك يا أعظم من انجبته هذه الأرض..
لقد كنت ومنذ ثورة الشباب حتى نفسك الأخير.. كنت يا مولاي.. شرف العسكرية والجمهورية والبلاد.
التالي..
مقال كتبته قبل امس عن البطل كإعجاب و وبعد ليلة انقله كرثاء..
اللواء الشدادي.. أخيل الجمهورية
الرجل الوحيد الذي كلما حاولت أن أكتب عنه، تفر الكلمات مني كغزلان شاردة يطاردها ذئب جائع.
وبمجرد أن أسمع أحدهم يتحدث عنه، أو صادف أن تدحرج اسمه في الهواء، أشعر بخليط من القشعريرة والإعجاب والجلال.
اللواء/ عبدالرب الشدادي قائد المنقطة العسكرية الثالثة.. سليل الأقيال وحامل لواء سبأ.
يا له من رجل في زمن تسيّد فيه أشباه الرجال.. وياله من بطل في لحظة استثنائية من تاريخ لا بطولة فيه ولا أبطال إلا أولئك الذين يذودون عنا في الأعالي والسهول المحفوفة بالموت والجراح، ولقد اختار أن يكون في مقدمتهم كقائد تستهويه المغامرة ومصارعة النيران.
لقد كان بوسعه أن يربي كرشا يتدلى كمسب الدروايش ، وأن يربض كبغل عجوز في مؤخرة القافلة، كما كان بإمكانه أن يقف في الظل مع العجزة والجبناء وينط كثعلب حقير كلما رفرفت عصافير المجد والكرامة ومعها بشائر النصر ليسرقه من صانعيه او يتقاسمه معهم .. لكنه اختار أن يكون رجلا لعل من يقفون في الخلف يخجلون قليلا ولكي يشعر من تخلى عن شرفه العسكري بالعار وهو يرى صنيع الشجعان في ميادين الشرف .
الشدادي رجل الأساطير القادمة وفارسها الذي ستتحدث عنه الجدات للأحفاد بكثير من الإكبار والفخر.
الرجل الأخير والكبير..
حكاية كتبتها أصابع الكبرياء، ملحمة لم يدخلها أبو زيد الهلالي ولا تخيلها أخيل الإلياذة في خيال هوميروس.
أنا الآن، أشبه بطفل في سطح البراءة يضحك ويبكي من عجزه وطهره وهو يحاول أن يلمس السماء براحة يده الملسماء ويقطف نجمة أو يقضمها كما لو أنها وردة بين جدائل أمه المشدوهة بإصراره على بلوغ المستحيل…
كيف أكتب عن قائد ما انقاد يوما للعجز والخوف، وكيف أرسم صورة لزئير الأسد وهو يتماوج مع الأثير في الهواء ويزلزل الوهاد كلما انحدر بهدوء النسيم وضجيج العاصفة .
أيها السبئي العظيم، اعذرني إذا تركت الحصان وحيدا يصهل بعيدا عن دهشة المجاز، فلأنت القول الفصل، والقصيدة العظمى والصورة الأصل.
مع كل موقف وفي كل مدينة وميدان.. يذكرك اليمنيون باعتزاز ويرمقونك بتبجيل وكأنك العظمة ذاتها.. كأنك مطر الكرامة الذي طهرهم من بهت الهوان بعد أن أثارته خيبتهم في الجيش المنفوخ كفقاعات الصابون، عندما تركهم وحيدين في مواجهة القبح وغبار التاريخ حد وصف الرويشان الخالد .
قبل عام وفي مثل هذه الأيام، كان صدام السعيدي- وهو أخي وأحد فرسان السد- يحدثني من على سريره في المشفى عن قائد مجنون يهطل كالندى والسكينة في الهزيع الأخير من الليل، يتفقد الأفراد ويشحذ الهمم ويرسم صورة للبطل الذي يرى ذاته في كل فرد ويتعامل معه كروح لا كرقم للقمار… يقول صدام في ليلة وبعد سيطرتنا على موقع في واحدة من أسخن الجبهات التي يتداخل فيها الخصوم ويتكلم فيها الرصاص والرصاص وبس، وبينما نحن نربي عنادنا ونمسّد على تعب صبرنا لنثبت أكثر، وإذا بالقائد يرد التحية ويربّت على الأكتاف كأب حنون، ويتقدم خارج المتاريس برباطة جأش وكأنه يريد أن يقول الأبطال يقفون دائما حيث يتواجد الموت ولكنهم لا يهابون ..
كان الجندي البسيط يبتسم بشفتين يابستين وإعجاب رطب، وهو يتحدث عن قائده بأسلوب عادي جدا وتلقائي لكنه أجمل بكثير من السرد المزخرف الذي أنقل من خلال ذلك الحديث.
أما أنا فقد كنت اضحك باستغراب وأفرك دما يابسا على ظاهر يديه وأنا أتهمه بالهلوسة نتيجة التخدير وأقول له لا أبطال إلا أنتم ولكنه أشار لأنور رفيقه ليلة تحرير سد مأرب ومرافقه في المستشفى ليؤكد هو الآخر أن القائد سألهم عما يحتاجون فقالوا له ينقصهم المواصلات التي ستوفر عليهم الكثير، وعلى الفور أمر لهم بطقم تعلموا السواقة عليه واستفادوا منه أيضا في شحن تلفوناتهم بالإضافة إلى الاستخدام الطبيعيي له في رفدهم بالعدة والعتاد بضعف السرعة قبل ذلك، كما أن القائد يعامل المحاربين من حجور باحترام بالغ ويحرص على أن يكونوا حيث كان برغم عتبه الكثير على الفوضى التي يحدثونها وعدم الالتزام والمزاجية المفرطة التي تدفعهم للخروج من الثكنات والعودة لها متى وكيف شاءت امزحتهم المتقلبة… والكلام لأنور وصدام وهو ما أكده لي الكثير من ابناء مأرب وغيرهم مؤخرا.
في الحقيقة ، لم تنته القصة وليست هي الوحيدة لكن قناعتي كانت معكوسة وثقتي بالعسكر أقل من صفر .
ومع الأيام كانت المنحدرات والهضاب وبطون الأودية ورمل الصحراء وشجر الأثل وسعف النخيل وحشرجة النجوم والشوك والتعب والافعال والمواقف والتضحيات والفداء والشجاعة واشياء اخرى .. كلها تقول : تقدم البطل، صعد ونزل، ذهب وجاء ، صنع الانتصار وأثختنه الحرب لكنها لم ترده لأنه يزداد صلابة مع كل تحدٍ، ويتوغل في العنفوان أكثر كلما أوغل أقرانه في غطيط النوم ومتاهة العجز واللصوصية والخواء .
لم اقل شيئا.. لقد قالت العرب قديما ما معناه أن الأفعال هي من تعكس الصورة الحقيقة للأبطال، وهذا مالم يستوعبه أولئك الذين يستخدمون الأبواق البشرية للضجيج حول الانحطاط، يستأجرون الأيادي المرتعشة لترسم هالة حول العدم والفشل والخيانة والهباء واللاشيء أصلا.
إن القائد العظيم معطاء حد الدم، يهب الروح لتظل الرائحة فواحة بطيب الثناء ومحبة واحترام الأعداء قبل الأصدقاء، بينما ينتفخ الزائفون بالهواء الفاسد، يتضخمون على حساب الأبطال، وكالبعوض، يتكاثرون في دورات المياه والمستنقعات ويعيشون على دماء الآخرين.
ولا أدري إن كان مهما أن أقول لكم كيف رفض اللواء الشدادي مغادرة صرواح للعلاج وهو الجريح الذي شارك في كل هجوم وتعب مع كل بطل، ام لا داعي من قول ما أراد هو أن يظل وشما على الزند لا رسما على الزبد.
تحية عسكرية وتمام جمهوري لك ايها الشدادي البطل، يا شديد البأس، ومشيد صرح الأمجاد .

شاهد أيضاً

وكيل محافظة مأرب يتفقد نقطة الفلج على طريق مأرب- البيضاء ويؤكّد جاهزيتها لتسهيل العبور منذ 3 أشهر

اقليم تهامة ـ مارب تفقد وكيل محافظة مأرب الدكتور عبدربه مفتاح، اليوم، ومعه مدير عام …