أخبار عاجلة
الرئيسية / الأخبار / أخبار محلية / النفاق العالمي الجديد

النفاق العالمي الجديد

اقليم تهامة – كتابات / ✍ / مصلح الأحمدي

المتتبع لمجريات الأحداث على الساحة الدولية يجدها طافحة بالتناقضات وازدواجية المعايير والكيل بمكيالين في كافة القضايا والأزمات والحروب. يتم ذلك وفقاً لرغبات ومصالح القوى الإمبريالية صاحبة اليد الطولى في التحكم بالقرارات الدولية إنفاذاً أو نقضاَ، حيث تتوزع هذه القوى الأدوار وتتبادل المصالح على حساب قضايا ومصائر الشعوب المغلوبة في العالم العربي والإسلامي. أسقطت هذه القوى أنظمة شرعية ودعمت انقلابات عسكرية وجماعات مليشاوية وجنرالات متمردة بغية تحقيق مصالحها وتثبيت وجودها هنا أو هناك. تمارس قوى التسلط أعمالاً وترتكب جرائم في خرق واضح للقانون الدولي، وتلحقها المؤسسات الدولية لشرعنة تلك الجرائم، وحين تهمّ هذه المؤسسات اصدار قرارات دولية، تسبقها هذه القوى لإبطالها بحق النقض (الفيتو). يجتمع مجلس الأمن ويصدر بياناً يُدين فيه قصف حفتر لطرابلس، وفي صبيحة يوم إعلان البيان يرسل مجلس الأمن نفسه ـ فهو مجموعة من الدول أبرزها الدول العظمى ـ ترسل هذه الدول السلاح والدعم والمرتزقة إلى حفتر!

تداعت قوى الاستعمار من أقاصي الأرض إلى سوريا ولم يعترض أحدٌ، وعندما دخلت تركيا ـ بغض النظر عن هدفها ـ اعتبر الجميع ذلك احتلالاً وتدخلاً غير مبرر. في ذات الصعيد تؤكد الولايات المتحدة عداوتها لبشار الأسد، لكنها في الوقت نفسه سهّلت دخول روسيا لحمايته.

في هذه الدول العظمى لا صوت يعلو فوق صوت الشعب، في حين أنه لا معنى لإرادة الشعوب المقهورة التي لا تطمئن هذه الدول لرعاية تلك الشعوب لمصالحها والدفاع عن نفوذها. يرى هؤلاء الطغاة دولة الاحتلال الإسرائيلي أنموذجاً للديمقراطية والحداثة يجب دعمه، ويعتبرون قوى المقاومة لهذا الاحتلال منظماتٍ إرهابيةً يجب محاربتها.

عندما يُقدم أحد المتطرفين من غير المسلمين على قتل عشرات المسلمين من الأقليات.. يعلّلون ذلك بأنه يعاني من أمراضٍ نفسية، وعندما يفكر أحد المستهدفين بالدفاع عن نفسه يطلقون عليه إرهابياً، بل يبادرون إلى نفي تهمة الإرهاب بهذه العملية كون القاتل ليس مسلماً!

تتبنّى الأمم المتحدة التدخلات الإنسانية في مواطن النزاعات والحروب وتدعو الدول إلى دعم هذه البرامج الإغاثية، وتعلن الدول المانحة تبرعاتها بمبالغ مهولة ـ على سبيل المثال تبرعت السعودية ـ في الأيام القليلة الماضية ـ بـ 500 مليون دولار للاستجابة الإنسانية في اليمن التي أعلنتها الأمم المتحدة ـ هذه المبالغ يتم توزيعها ابتداءً على قيادة البرامج وإدارته التنفيذية وفرق العمل والاستشاريين والخبراء والقانونيين والإعلاميين التابعين للأمم المتحدة المنتشرين في الكوكب الأرضي ـ عطاء من لا يخشى الفقر، فيما الفئات المنكوبة المستهدفة من هذه البرامج وهذه التبرعات هي آخر اهتمامات القائمين على هذه البرامج حيث تُعطى كل أسرة سلة غذائية غير مكتملة بعد بحثٍ واستقصاء وبيانات ومعلومات… في حين تظهر بكثافة في الثكنات العسكرية للحوثيين.

 عمليات الهيمنة والاستحواذ ومصادرة الحقوق وانتهاك الحريات والاستيلاء على ثروات الشعوب من قبل دول الاستكبار تحت غطاء أممي.. يرافقها حملات إعلامية ممنهجة عبر وكالات وإذاعات عالمية وقنوات عملاقة شريكة وأخرى مستأجرة.  

من تابع المبعوث الأممي إلى اليمن في زيارته لمحافظة مأرب يشعر بالدهشة والاستغراب.. ظهر كوكيل مثقل بالهموم معرباً عن تمنيه عدم التفكير باستعادة الجوف وسرعة الانخراط في حوار شامل دون (شروط)، مذكّراً بحال أجداده عندما لم يسمعوا ويوقفوا الحرب فخسروا كثيراً.. لكن عندما نتذكر مهمته ومن يمثّل.. يزول الاستغراب.

شنّ الحوثيون حرباً ضارية على الجوف ومارتن غريفت هناك في صنعاء ولم ينبس ببنت شفة، وعندما ردّت القوات المشتركة في الحديدة على خروقات الحوثيين صرخ واعترض وندد وشجب معتبراً ذلك تهديداً لاتفاق استكهولم الذي رعته الأمم المتحدة ليبقى ميناء الحديدة الرئة التي يتنفس منها الحوثي.. هذا المارتن الأممي تحدثت تقارير صحفة عن مظاهر فساد مالية مهولة فيما يتعلق بموازنته ومصروفاته مع فريقه، حيث بلغت في العام 2019م قرابة 17 مليون دولار! ولم يتم الإعلان عن أي (قلقٍ) أمميٍ حيال ذلك.

سفرٌ من السفور الأممي تحرك ولم يتوقف إلا إذا تحرك الواقفون المستهدفون من هذا الفساد المشرعن وهذا النفاق المخيف، فيتم التنسيق والاستفادة من الماضي والتخطيط للمستقبل، وتوظيف كل ما هو متاح واستغلال الفرص قدر الإمكان.. وليستعيذوا بالله من شر ما خلق عند كل شعورٍ أمميٍ بالقلق.  

أخيراً.. وما دام الحديث عن النفاق الأممي الجديد لابد من (الصعود) بمروءة ضاحي خلقان إلى هذا الدرك اﻵسن لعلاقة المشابهة.. خلفان – الذي له من اسمه نصيب – أكد في مقابلة تلفزيونية أن جنود الإمارات كانوا على علم بمكان قيادات الحوثي في أحد الأعياد وكان بإمكانهم قتلهم، إلا أن مروءتهم حالت دون ذلك، حيث لا تسمح مروة الجندي الإماراتي بالقتل في العيد.. حد قول خلفان، لكن مع الأسف تلك المروءة نفسها لم تحل دون قتل وإصابة حوالي 300 جندي من الجيش الوطني قصفا بالطيران الاماراتي الذي جاء لمناصرته ضد الحوثي! هذا ليس نفاقا فحسب.. بل نفاق وتبلد مشاعر.

شاهد أيضاً

اصلاح المحويت ينعي القيادي والمربي الاستاذ / محمد عثمان الداعري

اقليم تهامة ـ خاص نعي التجمع اليمني للإصلاح بمحافظة المحويت الأستاذ/ محمد عثمان الداعري أحد …