أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار الإقليم / موسم الهجرة إلى الشمال…شباب المحويت يغادرون إلى المملكة هربًا من التجنيد الاجباري والاتاوات والبطالة

موسم الهجرة إلى الشمال…شباب المحويت يغادرون إلى المملكة هربًا من التجنيد الاجباري والاتاوات والبطالة

اقليم تهامة – المحويت
المحويت التي كانت تحتفي ايام الأعياد بارتفاع ارقام زوار جاؤوا من خارج اليمن للاستمتاع بطبيعتها الساحرة الخلاّبة ؛ لم تعُد كذلك .


لقد حلَّت المليشيات كلعنة؛ فتحولت المحافظة إلى بيئة طاردة لأبنائها، وغدى للبقاء فيها كُلفة باهظة.
فجأة شعَر المعلم ( علي محمد علي) أنّ عقله تعطَّل تمامًا، كان لديه احلام تطاول السماء، وكان من قبل يغزل في مخيلته طموحات كبار بصناعة جيل سيكون يومًا رافعة بناء في نهوض الوطن.
حتى سنة 2016 م كانت سلوكيات وانتهاكات المليشيات قد أزالت الغشاوة من أنظار الكثيرين، كان الراتب وهو مصدر دخله الوحيد يذهب إلى بطن المسيرة الحوثية .. أخذ المعلم يتأمل كما لو أنّ اهرامات من الطموح تتهاوى أمام ناظريه.. لقد تقزَّمت أحلامه كثيرًا لتنحصر فحسب في كيف يكافح من اجل ابقاء أفراد أسرته على قيد الحياة.
لا فرص عمل ولو شاقة داخل البلد تُغريه بالذهاب إلى العاصمة؛ كثيرون من زملائه عادوا من هناك بخيبات أمل عديدة .. وذات يوم اتخذ القرار الأصعب في حياته بالهجرة إلى المملكة.
في أجواء المغامرة كان يتأمل فداحة أن يتساوى لديك الموت والحياة.. فداحة أن تشعر أنك ولدت من جديد لمجرد الاحساس بأن قدميك لم تعد تُلامسا ثرى الوطن .. فداحة أن يصبح مصير ملايين من الناس وحياتهم في يد مليشيا .
وبعد أشهر من الاستقرار اضطر إلى الاستدانة لتوفير قيمة تأشيرة فيزا لولده ليلتحق به؛ لا يريد لولده أن يؤول إلى برواز صورة أو رقما في كشوفات ما تسميها المليشيا بمؤسسة الشهداء لتتسوَّل به دعم المنظمات.. فأرقام أطفال المحافظة الذين زجّت بهم المليشيا في الحرب جِدّ مخيفة .. حيث تشير الاحصائيات أن عددهم يتجاوز 190 طفلا ؛ سقط الكثير منهم صرعى في المعارك !

* موسم الهجرة إلى المملكة

تشهد المحويت في الأشهر الأخيرة موجة نزوح ومعدَّلات هجرة شبابية مرتفعة إلى السعودية؛ في ظلّ الضغوط الاقتصادية، وتفاقم معاناة المواطنين بفعل حكم المليشيات وما ترتَّب عليها من تردٍّ للحالة المعيشية لكثيرٍ من الأُسَر وارتفاع معدَّلات البطالة ولجوء المليشيات إلى فرض التجنيد الاجباري في ظل الانهيارات المتتالية في صفوفها.
وما يُميِّز الهجرة هذه المرَّة أنّ المهاجرين من مختلف الأعمار، وكثيرٌ منهم كانوا موظفين، وجنودًا، وميسورين؛ لم تُراوِد مخيِّلتهُم يوماً فكرة الغربة أو الهجرة إلى خارج الوطن !
ومع الضغوط الاقتصادية التي ترتَّبت على الانقلاب على الشرعية، وتبديد الميليشيا لمليارات الريالات من البنك المركزي خلال الفترة الماضية اضافة إلى نهب الاحتياطي، وما ترتب عليها من فقدان الكثيرين لوظائفهم وأعمالهم؛ يشتعل الحنين في نفوس أبناء المحافظة إلى الغربة والهجرة إلى المملكة لتوفير لقمة العيش لأُسرَهم التي يتهدَّدها شبَح الجوع.
ومؤخرًا برَز تهديد آخر تمثل بلجوء المليشيات إلى فرض التجنيد الاجباري في أوساط الشباب واستدراج كثير من النشء ثم ارسالهم إلى جبهات الحرب لتُفاجأ بعض الأُسَر بعودة أبناءها جثثا هامدة أو وقوعهم في أحسن الظروف عُرضة للإصابات أو الأسْر في ايدي قوات الشرعية والجيش الوطني؛ وهو ما دفع الكثير من الأسَر للاقتراض من أجل توفير قيمة تأشيرات ( فِيَز) دخول إلى المملكة للبحث عن فرصة عمل تُوفّر لقمة عيش للأسرة وقبل ذلك لإبعاد أبناءها عن شرور المليشيات التي تعمل على الزجّ بهم في معركة خاسرة ضد اليمنيين.
ويتوقَّع متابعون أنّ الفترة القادمة ستشهد ازدياد معدَّلات المهاجرين من ابناء المحافظة إلى المملكة، مع تلاشي الآمال بغدٍ مستقر وعيشٍ كريم، واشتعال أسعار السلع وبروز نُذر حرب بين الدائن والمستدين بحسب تعبير صحيفة خليجية ! فمع سطوة الديون وتضاعُف معاناة ابناء المحافظة منذ توقُّف المرتبات قبل أكثر من عام؛ تحولت الحياة في المحافظة الى جحيمٍ لا يُطاق، وفضَّل كثيرٌ من ابنائها خوض غمار الهجرة.
ففي عزلة الطرف بمديرية جبل المحويت فرضت المليشيات التجنيد الاجباري، ومارست ضغوطا هائلة على الأهالي للدفع بأبنائهم إلى التجنيد؛ الأمر الذي اضطر بعض الأهالي إلى الدفع بأبنائهم إلى الاغتراب في المملكة أو اخراجهم للعمل خارج المحافظة بغية الحفاظ على حياتهم.
ويتدفق شباب المحافظة – وخصوصا من مديريات شبام كوكبان والرجم وملحان وجبل المحويت – بأعدادٍ كبيرة للهجرة إلى خارج الوطن سيما الجنود والمعلمين الذين ألفْوا أنفسهم في العراء بعد انقطاع مرتباتهم منذ أكثر من عام ؛ كان الراتب الحكومي هو الدخل الوحيد الذي يعولون من خلاله أسَرهم وبانقطاعه تلاشت كل الآمال، غير ان المليشيات لم تكتفِ بذلك بل اثقلتهم بالجبايات وفرضت عليهم التجنيد الإجباري؛ وأصبحت كلفة البقاء بالمحافظة تفوق بأضغاف تجرُّع آلام الغربة والبُعد عن الوطن.

* التجنيد الاجباري

منتصف أكتوبر من العام الفائت انعقدت اللجنة المركزية للتجنيد بالمحافظة لتدارس آلية تجنيد 2000 مقاتل فرضتهم المليشيات على محافظة المحويت، ثم بدأت المليشيات بالتجنيد واستدرجت عدد من الاطفال وتمكنت من التغرير على كثير من الشباب وفي بعض العزل وصل الحدّ إلى فرض التجنيد الاجباري .. وخلال 2017م بلغ عدد من تم توثيقهم ممن قضوا في الجبهات وهم يقاتلون في صفوف المليشيا 224 فردا عدا الجرحى والأسرى والمفقودين.
استحالت المحافظة إلى ما يشبه صالة عزاء كبيرة، ما دفع أبناء المحافظة إلى الاحجام عن الالتحاق بصفوف المليشيات للقتال في الجبهات، ومع الانهيارات المتواصلة في صفوف المليشيا وخصوصا في جبهة الساحل الغربي كلفت المليشيا قيادة المديريات للاستمرار بالتجنيد ولو استدعى الأمر فرض التجنيد الاجباري.
وتُشهِر قيادة المليشيا سيف الخيانة والتمرد في رقاب كثير من مشايخ المؤتمريين المتحوثين؛ وتمارس تجاههم الابتزاز؛ إذ لم تفرج عنهم الا بعد كتابة تعهدات بتجنيد المئات من ابناء المحافظة، وعدّت ذلك الدليل الوحيد للتكفير عن تزعُّمهم للتمرد في المحافظة!
ومؤخرا أجبرت المليشيا بأوامر من محافظ المحافظة المعين من المليشيات ( فيصل حيدر) عدد من مدراء عموم المكاتب التنفيذية وأعضاء المجالس المحلية بالمحافظة على الحاق أبنائهم بالجبهات ليكونوا قدوة للآخرين للدفع بأبنائهم إلى الجبهات حسب زعمه .
وتلجأ المليشيات إلى التجنيد عبر طرق عدة منها : الاحتيال على البعض بدعوى الذهاب لحضور دورات فكرية، واقناع اخرين بمنحهم رواتب شهرية مقابل اعدادهم كأمنيَّات داخل المحافظة، واستدراج أطفال والتغرير بهم، والضغط على المشايخ والوجهاء للتجنيد في مناطقهم وغيرها من وسائل الترغيب والترهيب.
وقبل أسابيع قامت المليشيا بإرسال ثمانية أفراد من ابناء مديرية شبام إلى الجبهات؛ اربعة منهم أخذتهم عنوة إلى جبهة البيضاء، والبقية دون علم أولياء أمورهم. وقبل ايام قلائل عاد الطفل نصار الشاعر 15 عاما من تعز إلى حفاش جثة هامدة بعد أن استدرجته المليشيات قبل سنة وقذفت به إلى المحرقة.
وكان 30 من ابناء مديرية الخبت قد استجابوا لأحد المشايخ المتحوثين بالذهاب لحضور دورات ثقافية بالحديدة؛ ليفاجأ هؤلاء الشباب بأنهم على مشارف حيس، فعادوا أدراجهم إلى مناطقهم رافضين الانخراط في القتال.

* المجهود الحربي

منذ اجتياحها المحافظات ما فتأت المليشيا في فرض الجبايات على المواطنين والتجار وأصحاب البسطات والمزارعين تحت مسميات متنوعة أبرزها دعم الاحتفالات الدينية والموالد ورفد الجبهات ورسوم التحسين والضرائب.
ففي إحدى عزل مديرية الخبت جاب احد المواطنين عدة قرى ليصل الى أخته في إحدى القرى طالباً منها أن تقرضه 90 الف ريال؛ حيث تطلب منه المليشيات دفع هذا المبلغ مقابل عدم اخذ أولاده الثلاثة قسرًا الى الجبهات.
وفي مديرية ملحان قامت المليشيات قبل يومين بفرض مبلغ 2000 ريال على كل متزوِّج، في جميع العزل تحت مبرر تجهيز مجاهدين، وكانت قبلها قد وجهت المشايخ والوجهاء بجمع التبرعات والمجهود الحربي من العزل، وتم تحديد مبلغ 200,000 ريال على كل مركز انتخابي؛ من أجل تسيير قافلة غذائية إلى الجبهات،اسموها قافلة النصر والتمكين.
وفي مديرية بني سعد القريبة من الحديدة أجبرت المليشيات المقاوتة في سوق الخميس على تسليم الخُمُس من القات والمال، ما اضطر المقاوتة إلى مغادرة السوق والتخفِّي، فيما اغلق بعض أصحاب المحلات التجارية محلاتهم التجارية تحسباً لطلب الضرائب منهم.
وفي جبل المحويت تردد أفراد المليشيا على المنازل والمحلات التجارية وطالبوا المواطنين والتجار بدعم الجبهات بالمال او الحبوب أو الكباش؛ وألزموا كل قرية بشراء 2 كباش كمساهمة في رفد الجبهات. وفي عزلة الحواصلة ألزمت المليشيات كل غرَّام ( متزوِّج) بدفع مبلغ 3000 ريال دعمًا للمجهود الحربي.
وفي مديرية الخبت فرضت المليشيات مبلغ 10 الف ريال؛ على كل أسرة لديها مغترب في المملكة ، وقد بدأت بجبايتها عن طريق المشايخ والمشرفين، كما قامت باستحداث نقطة تفتيش في منطقة القطاع لجباية ضريبة القات القادم إلى سوق المرواح من حفاش والمحويت.
وفي حفاش أقرَّت المليشيات في أحد اجتماعاتها مبلغ 600 الف ريال على كل مركز انتخابي من أجل تمويل الجبهات وتسيير قافلة غذائية.
وفي جميع المديريات بلا استثناء يتردد أفراد المليشيات على المنازل والمحلات ويجوسون خلال الديار طلبًا للإتاوات والجبايات التي اثقلت المواطنين تحت مسميات متنوعة ، وقد كلفت الخطباء بدعوة الناس إلى الدفع بأبنائهم إلى الجبهات وتسليم المجهود الحربي بغية تجهيز مجاهدين ورفد الجبهات بالمال والرجال.. كما ترددوا مؤخرًا على المنازل والمحلات التجارية لمطالبة الأهالي بدفع مبالغ مالية كتبرُّع لإحياء فعاليات ما أسموها ذكرى الشهيد السنوية !
وتثير هذه السلوكيات المليشاوية استياء ابناء المحافظة، لدرجة أن الأهالي في عزلة الظاهر بمديرية الخبت خرجوا في رمضان الفائت بمظاهرة كبيرة ضد الحوثيين وحدثت اشتباكات بين الطرفين، كما شارك ابناء المحافظة في الهبة الشعبية التي خرجت في ديسمبر لولا الانتكاسة التي حدثت في صنعاء.

 

*مركز المحويت الاعلامي

شاهد أيضاً

وكيل محافظة مأرب يتفقد نقطة الفلج على طريق مأرب- البيضاء ويؤكّد جاهزيتها لتسهيل العبور منذ 3 أشهر

اقليم تهامة ـ مارب تفقد وكيل محافظة مأرب الدكتور عبدربه مفتاح، اليوم، ومعه مدير عام …