اقليم تهامة ـ وكالات
قال الفريق محمد علي المقدشي، المستشار العسكري لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن ووزير الدفاع السابق، إن القوات المسلحة اليمنية “جاهزة منذ سنوات” لخوض معركة برية ضد الحوثيين، لكنّ القرار النهائي يبقى بيد القيادة السياسية.
وأضاف المقدشي، في مقابلة مع برنامج “بلا قيود” على قناة بي بي سي عربي، أن الجيش الوطني منتشر في جميع الاتجاهات، من الساحل إلى الجنوب والشرق والشمال، بما يشمل مناطق مثل مأرب، الجوف، البيضاء، والحديدة، مشيراً إلى أن القوات تنتظر فقط صدور توجيه من مجلس القيادة الرئاسي لبدء العمليات.
ونفى الفريق المقدشي وجود خلافات جوهرية بين المكونات اليمنية المؤيدة للشرعية، مؤكداً أن الجميع موحدون في مواجهة الحوثيين.
وأوضح أن الهدنة المعلنة منذ عام 2022 لم تنته رسميًا، لكنّ القيادة الشرعية تحتفظ بحق إنهائها في أي وقت، خصوصًا مع ما وصفه بـ”تطور الفهم الدولي” لطبيعة التهديد الذي يشكله الحوثيون..
وفيما يتعلق بالغارات الجوية الأمريكية المتواصلة على أهداف حوثية منذ منتصف مارس، قال المقدشي إن هذه الضربات “أحدثت أضرارًا ملموسة على قدرات الحوثيين”، لكنها ليست تمهيدًا مباشرًا لهجوم بري، مشددًا على أن الحسم لن يكون ممكنًا دون تدخل بري ميداني.
وفي رده على انتقادات تتعلق بسقوط مدنيين في هذه الغارات، قال المقدشي إن “كل المدنيين اليمنيين تحت مسؤوليتنا، وقتلهم أمر مدان”، لكنه ألقى باللوم على الحوثيين في “جر البلاد إلى هذا الوضع”.
واتهم المقدشي جهات في سلطنة عُمان بتهريب أسلحة للحوثيين، قائلاً إن هناك “معلومات عن عمليات تهريب، ووجود مقربين من الحوثيين داخل الأراضي العمانية”، لكنه أضاف: “لا توجد أدلة دامغة على أن الحكومة العمانية متورطة بشكل مباشر، وقد يكون ذلك برضاها أو دون علمها”، مشيراً إلى أن قوات الشرعية صادرت بالفعل بعض الشحنات المهربة في المنافذ.
ورفض المقدشي اتهامات وجهها مواطنون يمنيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن غياب القيادات العسكرية والسياسية عن الداخل اليمني، مؤكدًا أن “القيادات الشرعية تعود باستمرار، وأن مقر الحكومة لا يزال في العاصمة المؤقتة عدن”.
ودافع عن أداءه خلال توليه وزارة الدفاع، وقال إن “الجيش الوطني تم تجميعه بنجاح في وقت صعب”، وإن تأخير الحسم العسكري يعود إلى التدخلات الدولية، واتفاق ستوكهولم الذي أوقف معركة الحديدة رغم تقدم القوات الحكومية، في حين كانت القوات ايضا على مشارف صنعاء.
وبخصوص الدعم الإيراني للحوثيين، قال المقدشي إن الجماعة “لا يمكن أن تصمد دون هذا الدعم”، مضيفًا أن الحوثيين استولوا على غالبية أسلحة الجيش اليمني منذ الانقلاب.
وطمأن المقدشي بأن “كل المكونات اليمنية ستتوحد بعد سقوط الحوثي”، مشيرًا إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة لتنسيق العمل بين القوى المؤيدة للشرعية.
وفي ختام المقابلة، شدد المقدشي على أن القضية اليمنية لا يمكن حسمها من الجو فقط، وأن “الدعم الجوي الأميركي مهم، لكن المعركة الفعلية تحتاج لقوات على الأرض”، منوها إلى أن الحوثيين يستغلون القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية، في حين أن الشعب اليمني “مخلص لفلسطين منذ عقود طويلة”.
فيما يلي نص الحوار الذي فرغه محرر المصدر أونلاين:
المذيعة:
أهلاً بكم في بلا قيود.
ضيفنا اليوم قائد عسكري يمني. شغل عدداً من المناصب القيادية في الجيش اليمني.
شارك ضمن عمليات القوات المسلحة اليمنية في خضم حروبها ضد الحوثيين بين عامي 2008 و2013.
السياسية تدرس الخيارات المتاحة.
المذيع:
طيب، هناك من يتحدث، يعني مسؤولون عسكريون يمنيون لم يتم تسميتهم، ولكن نسب إليهم القول أن العملية البرية قد تبدأ ما بين منتصف أو نهاية شهر مايو/أيار. يعني يتحدثون بالتفاصيل. هل هذا الكلام صحيح؟
المقدشي:
أحيانًا يدّعي الناس أنهم على صلة بالقيادة العسكرية. القيادة العسكرية لا تتكلم عن هذا الشيء، لأن وقت العمل يجب أن يكون سرّيًا ويكون مفاجئًا. لذلك لا يمكن أن تُصرّح القيادة بهذا الأمر. هذا غير صحيح.
المذيع:
طيب، هناك مخاوف غربية تتناولها الصحافة الغربية، نقلاً عن مصادر أمريكية. مثلًا، أنه إذا حدث – وافترضنا جدلاً – سقوط الحوثي إثر هجوم بري، سيكون هناك فراغ في السلطة، ولا يُعوّل على الانسجام بين المكونات الشرعية اليمنية لملء هذا الفراغ. ما رأيك؟
المقدشي:
لا، غير صحيح. لأن كل الناس واعين في هذا المجال. وكما تلاحظوا، لم يحدث أي خلاف في الفترة الحالية في مجلس القيادة الرئاسي. وأيضًا، هناك شراكة إقليمية، سواء في المملكة العربية السعودية أو الإمارات. وطبعًا، هم داعمون لليمن. لأن يمنًا مستقرًا يعني أمنًا للجميع. وهذا ينعكس على استقرار الإقليم والملاحة الدولية وكل شيء.
المذيع:
هل صحيح أن الإمارات تحدثت مع الأمريكيين بخصوص الهجوم البري على حد علمك؟
المقدشي:
ليس لدي علم.
المذيع:
طيب، منذ 15 مارس/آذار الماضي، استأنفت أمريكا استهدافاتها وغاراتها للحوثيين، بعد أن توقفت سابقًا في فترة بايدن. هل حققت أهدافها في رأيك؟
المقدشي:
لا. بالنسبة للقوات، كانت الضربات تأديبية للحوثيين. وحققت أشياء كثيرة من حيث تدمير الأسلحة والمعدات، وقتل بعض القادة. وطبعًا تعرفون قدرة أمريكا، فهي الدولة الأولى في العالم من حيث القدرات. وقد حققت أشياء كثيرة بالنسبة لهم.
لكن طبعًا تعرفون أن إمكانيات أمريكا كبيرة جدًا.
المذيعة:
لكن رغم هذه الإمكانيات الكبيرة جدًا، لم تستطع أمريكا خلال شهر كامل القضاء على الحوثيين.
المقدشي:
لن يستطيعوا ذلك، إلا من خلال القوات البرية. فالقوات الجوية وحدها لن تؤدي نتائجها. وأنتم تعرفون، في الحرب العالمية الثانية، عندما قصف الألمان لندن، فإن القوات البرية هي التي حققت النصر في النهاية.
المذيع:
يعني تعتبر أن الهجوم البري وحده هو القادر على طرد الحوثيين؟
المقدشي:
أكيد، إلا إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام. لأن المملكة العربية السعودية كانت قد طرحت خيار السلام، بأن يسير الجميع في مسار سلمي. ولكننا لا نعوّل على الحوثيين أن يدخلوا في سلام نهائي، من خلال تجاربنا السابقة، لأنه دائمًا ينقض عهوده.
المذيع:
هل الضربات الأمريكية تمهيد لهجومكم البري؟
المقدشي:
لا، حتى الآن ليست تمهيدًا. التمهيد يكون على الخطوط وعلى الجبهات، وعلى ذلك. الضربات تكون في مراكز القيادة، مراكز التسليح، مراكز التصنيع.
المذيع:
إذن، أي غطاء جوي سيُطلب من الأمريكيين في حال اتُخذ القرار بشأن هجوم بري؟
المقدشي:
تذهب كل هذه الوعود؟
المقدشي:
حققنا انتصارات كبيرة، وحققنا تقدّمات، وحررنا عدة محافظات، ما زال أكثر من سبعين في المئة من اليمن محررًا. ولكن الحوثي متمركز في مناطق جبلية صعبة. وكما تحدثنا، التدخل الدولي هو الذي أوقف التحرير. كما تعلمون، الحديدة كانت ساقطة ميدانيًا، ودخلوا في تفاهمات استوكهولم، فُرضت على القيادة وعلى الحكومة، وأُوقفت الحرب.
وعندما أُوقفت الحرب، كانت معركة الحديدة قد انتهت، بحجة الحالة الإنسانية للمدنيين.
المذيع:
طيب، الموقف الذي انتهجه الحوثيون منذ بداية الحرب في غزة، وهو إسناد هذه الحرب ومهاجمة إسرائيل، هل يمكن القول إنه كشف الغطاء عن الحكومة الشرعية في اليمن، باعتبارها لم تتخذ موقفًا مناصرًا للقضية الفلسطينية، وباتت أخلاقيًا وسياسيًا في موقف أضعف من الحوثيين؟
المقدشي:
لا، من قال هذا؟ الحكومة الشرعية عبر تاريخها، وشعبية الحوثي لم تتعاظم بعد هذا الموقف. أقول لك شيئًا واحدًا: القضية الفلسطينية هي قضية محورية لليمنيين والعرب بشكل عام.
ولكن أسألك: هل الحوثي أثّر على إسرائيل؟ أم لا؟ هل هناك شيء فعلي في صالح غزة نتيجة ذلك؟
بالنسبة لليمنيين، الحكومة الشرعية دائمًا تندد، وقد أصدرت بيانات تندد بما يحدث في فلسطين. أيضًا، في عام 1982، استُقبلت منظمة التحرير في عدن وفي صنعاء قبل الوحدة، وكان ياسر عرفات. ودائمًا اليمنيون متعلقون بالقضية الفلسطينية، ويحبون الفلسطينيين كثيرًا.
المذيع:
الفريق محمد المقدشي، المستشار العسكري لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن ووزير الدفاع السابق، شكرًا لوجودك معنا في “بلا قيود” على بي بي سي نيوز عربي.