اقليم تهامة ـ خاص
يعد استقبال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لنظيره السوري أسعد الشيباني علامة فارقة في مسار العلاقات العربية السورية، ويثير تساؤلات حول عمق هذا التطور ومآلاته، هل عادت سوريا فعلاً إلى حضنها العربي؟ أم أن هذا التقارب محكوم بظروف مؤقتة وتوازنات سياسية معقدة..؟
إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية واستئناف الحوار مع الدول العربية الكبرى مثل المملكة العربية السعودية، يكشف بوضوح رغبة عربية في احتواء الأزمة السورية ضمن إطار عربي مشترك، ولكن التحدي الأكبر يكمن في ما إذا كان هذا التقارب سينجح في تعزيز القرار العربي الواحد في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، فالوضع السوري لا يزال معقداً، والسلطة في دمشق محاطة بتأثيرات غير مرغوبة من بعض العواصم الإقليمية، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة الدول العربية على إحداث تغيير فعلي في المشهد السوري..
التصريحات الأخيرة للمرشد الإيراني وتحذيراته من استقرار سوريا تعكس قلقاً إيرانياً واضحاً من أي تحولات قد تقلص نفوذها في هذا البلد ، هذه التصريحات ليست مجرد انزعاج عابر، بل تأتي في سياق شعور طهران بتغير موازين القوى لصالح محور عربي جديد يسعى إلى تقليص الهيمنة الإيرانية في سوريا، ورغم هذه التهديدات، فإن استقرار سوريا يعتمد على قدرة النظام على التكيف مع هذا الوضع الجديد ومدى جدية الدعم العربي في تحقيق استقرار حقيقي ومستدام…
يبقى السؤال الأهم، هل الرياض وبقية العواصم العربية جادة في دعمها للوضع السوري الجديد..؟ أم أن هذا التقارب مجرد تكتيك مرحلي تفرضه الظروف الراهنة..؟ يبدو أن القرار العربي في هذا السياق يتأرجح بين الواقعية السياسية والرغبة في إعادة سوريا إلى الحاضنة العربية من باب “مكره أخاك لا بطل”، فرغم الانفتاح العربي، يظل الواقع السوري، بوجود هيمنة قوى خارجية، (تركيا) غير متوافق تماماً مع تطلعات دول عربية وازنة في المنطقة…
في ظل هذه التحديات، فإن الحديث عن سوريا جديدة يبدو سابقاً لأوانه، الاستقرار والصمود أمام تهديدات إيرانية وتصريحات تستهدف إرباك المشهد، يتطلبان توافقاً عربياً فعلياً وإرادة سياسية جماعية تعيد لسوريا دورها الفاعل بعيداً عن الهيمنة الخارجية، الخطوة القادمة ستكون اختباراً لمدى جدية هذا التقارب وإمكانية تحوله إلى مسار استراتيجي يعيد رسم خريطة التحالفات في المنطقة..