أخبار عاجلة
الرئيسية / الأخبار / أخبار محلية / ثورة اليمن الأولى

ثورة اليمن الأولى

مرت علينا يوم 17 فبراير، ذكرى ثورة 1948م. الثورة التي زعزعت جذور الإمامة المتوكلية، بصرف النظر عن أنها لم تنجح، لكن أحدا لا يستطيع ان ينكر أنها مثلت المسمار الأكثر تأثيرا في نعش الكهنوت المتوكلي.

   لم تأت الثورة اليمنية الأولى من فراغ، و لا جاءت رغبة دون أسباب، فالحكم الإمامي المتخلف يغني عن كل الاسباب، فكيف و هناك ألف سبب و سبب في بلد كان مسورا بالظلم، و مغلقا بالجبروت، و تخلو كامل تربته الطاهرة  – عدى ما كان تحت الاحتلال – من أي منتج من منتجات القرن العشرين، و إن أنتج ذلك الحكم الكهنوتي المتخلف الجهل و الحرمان و المرض، أو كما وصف الشهيد أبو الأحرار الزبيري الواقع:

     جهل و أمراض و ظلم فادح    و مخافة و مجاعة و إمام

   مبكرا أراد اليمنيون تغيير واقعهم، و إعادة بناء حاضرهم و مستقبلهم،  و التخلص من عقليات حاكمة تزعم لنفسها الحق الإلهي في الحكم؛ بينما لا تعرف أقل القليل عن واجب الحاكم تجاه الشعب و الوطن، و خلافا لذلك فإنها تعرف مصادرة الحريات عامة، و اختطاف قوت المواطن من يده و فمه!

   أدرك اليمنيون مدى تخلف وطنهم،  و مدى همجية نظام حكمهم الذي كان مايزال خارج أسوار التاريخ يستجر خرافات لفّقتها ثقافات هجينة متخلفة؛ استقت خزعبلات الفرس، و تحريفات يهود، و أباطيل نصرانية، و قبعت في أقبية الضلال تؤلّه الحاكم و تمجده، و تفرض تلك الخرافات البليدة على الناس بالقهر و القيود، و مزاعم تسخير الجن، مستغلة جهل فئة عريضة من الشعب، و هو الجهل الذي رعته نظرية الإمامة و اعتمدت في حكمها على تنميته و نشره.

   و جاء يوم 17 فبراير 1948م. ليزعزع ذلك الجبروت، و هي ثورة كانت نتاج جهد حاول هدم قلاع الظلم الداخلي و المكر الاستعماري، فكان حزب الأحرار، و كانت الجمعية اليمانية الكبرى و كان الاتحاد اليمني، و كان الميثاق الوطني المقدس، كما كان الزبيري و النعمان، و الحورش و المسمري، و الأغبري و السلال، و القردعي و محيي الدين العنسي، و الفضيل الورتلاني و جمال جميل .. و غيرهم كثير ليس هنا مجال البسط لذكرهم.

   سيطر الثوار على صنعاء، و أعلن عن النظام الجديد، و فر أحمد ياجناه من تعز هاربا.

   تزعزعت أركان الحكم الإمامي الكهنوتي؛ و إن جاءت النكسة بعد 25 يوما، فقد كان للجهل – في الداخل – نصيب وافر في هذه النكسة بمساندته للجلادين، كما كان للمكر الخارجي دور أيضا، وراح الشهيد الزبيري يعتب على أولئك المخدوعين من الشعب الذين انساقوا لمساندة الطاغية الجديد أحمد حميد الدين، إذ راح يبكي مآل الثورة، و يعاتب المخدوعين:

     ما كنت أحسب اني سوف أبكيه      و أن شعري إلى الدنيا سينعيه

     و أنني سوف أبقى بعد نكبته        حرا  أمزق  روحي  في مراثيه

     و أن من كنت أرجوهم لنجدته      يوم الكريهة كانوا من أعاديه

     نبني لك الشرف العالي فتهدمه     و نسحق الصنم الطاغي فتبنيه

     نقضي على خصمك الأفعى فتبعثه حيا و نشعل مصباحا فتطفيه

     قضيت عمرك ملدوغا و هاأنذا      أرى  بحضنك  ثعبانا  تربيه

   غير أن الثورة لم تمت، و المخدوعين استيقظوا، و المكر فشل، و تجدد العزم، و تعززت الإرادة، و تكررت محاولات الثوار بلا كلل، و كانت ثورة 26 سبتمبر 1962م.

   فما دامت الشعوب ذات إرادة ، فإن الثورات لا تموت، بل تعود أشد و أقوى، و أعز و أمضى، و الله ناصر المستضعفين.

شاهد أيضاً

مأرب.. 30 طالبة جامعية يختتمن دورة في ثقافة السلام

اقليم تهامة ـ مارب: خاص اختتمت اليوم في محافظة مأرب دورة تدريبية لـ 30 طالبة …