الرئيسية / الأخبار / أخبار محلية / علي ابو الحياء .. قصة ابداع أغتالها الخونة ..

علي ابو الحياء .. قصة ابداع أغتالها الخونة ..

اقلم تهامة – ✍عبدالحفيظ الحطامي


وداعا يا صديقي الحميم ، فالمكان لم يعد،مكانك ولا الوطن الذي حلمت به صار يشبهك ، الوطن كان محتدما في حدقاتك فحسب .. حتى بيتك التي في حيس التي تركت فيها كل شيئ حين عدت منها اغتالك الخونة ، لأنك الشاهد الحي الذي بقي شاهدا على قصة وطن تهبه دم قلبك ، فيقايضك بالموت لانك كنت شاهدا على حقيقة ماحدث اذ كنت في الطريق بين الخوخة وحيس جنوب الحديدة حين وقعت فاجعة اغتيال القائد حسن دوبله ورفاقه وانت الوحيد من بقيت جريحا حيا تكابد اوجاع حروقك ، وتحدق بصمت كشاهد تربض في صدرك الحقيقة التي اجهز عليها الخونة ليدفنوا معك تفاصيل وخفايا الحقيقة المرعبة عن الذي حدث في طريق حيس الخوخة في مطلع شهر مايو الجاري .


سنودعك وان كنا اعتدنا ان نزف الشهداء ولا نودعهم يا علي ابو الحياء ، وداعا يا ربيع العمر ، ومضي بحلمك وامنيتك فالجهات جهاتك والشهادة امنيتك ، والوطن الذي لم يعرف لك خطوة الى الخلف ، فكنت دوما نحو الامام ابداعا وتوهجا الحاضر العصامي فينا بوداعك الاخير ، فالامل المخبأ خلف تلك الغيمة التي اجهشت لفراقك ، سافرت بك الى حياة تليق بك يالحبيب ، وتركت لنا وطن يتاجر به البعض مقابل فتات مصالح يقتلون الاوفياء والانقياء مقابل ان يبقوا على وطن يزدحم فيه القتلة ، وينزف اطهر ابنائه بصمت ، تتخطفهم رصاصات الغدر والخيانة ، ما اود قوله هنا ، سنتعقب الخونة حتى لو نفنى من بعدك يا صديقي ؟
بدأت مرحلة الانهيار ، لا يسعني الكتابة بدأت يداي بالارتجاف الشديد الآن
كيف اكتبك نعيا بطريقة لا أفصح من خلالها عن مساحة الوجع الذي تركه فراقك في قلوبنا يالحبيب ، كيف اخبرك انني كنت اود الحديث معك عن آخر الاعمال التي نود انجازها لهذه البلاد بالصورة والكلمات ، آخر المشاريع الاعلامية التي اتفقنا على انجازها ، بعد التحرير ، بودي ان اهاتفك هل تسمعني الآن سأخبرك دون انهيار دموعي ، كيف اخبرك اني لا زلت موجوعا ، وانا اسألك بعد اصابتك اهذا الصوت صوتك ؟ وذلك المسجئ جسدك ؟ ابتسامتك التي تختزل وطن غابت تفاصيل احلامه مع آخر انفاسك ..
اخبرني والدك بأنك حالتك مستقرة ، في يوم الفاجعة ، فمالذي حدث ؟ ليت الحقيقة انكشفت لنلعن الخونة صراحة ، لنسألها كيف قضى علي ورفاقه بهذه السرعة وفي حادث اجرامي في منطقة يفترض بأنها محررة من رجس مليشيات الموت .
أعاني مِنْ الاحتفاء بالتفاصيل التي كانت بيننا أُتذكر الالتفاتة الضاحكة التي تبدأها بلهجتك التهامية ، ماااتن !!! معبرا عن ان المشهد انتهى ، كنت أُعطي تلك الكلمة ألف مَعنى ونرددها خلفك ماتن ، كنت أنتبِه لِحَركة يَدينك لنصف اغماضة عينك تضعها في حدقة الكاميرا ، لصياغة مشهد،او صورة ، اتذكر شُرود عَينك ، وارتجافة الصوت، تأملات الصَمت، هذه مُصيبتي الكُبرى بأنني لن انساك يا رفيق عمري في اعمال تلفزيونية كنت بجواري مصورا ، يستحيل ان انساك ابتداء من برنامج اضواء سهيل اذ كنت تصور لي تغطيات وتقارير اعمالي التلفزيونية ، اتذكر ذكاؤك الفطري ، وحاستك المرهفة ازاء الصورة التي تودها ان تكون للكلمات ،
احلامُنا يا علي في بئر يوسُفَ أُلقيت ، ونفوسنا ترجو لقاءَ القافِلة ، كيف سنلتقي قافلة الاحرار بدون علي ابو الحياء ؟ سنلتقي لكن في حياة خالدة لا تشبه هذه الحياة .
كل ما نحتاجه اليوم ورفاق دربك في الحرية يا عزيزي ، هو رفيق يشبه روحك ، يحارب معنا القتلة والخونة والقبح والتخلف ونوبات الاكتئاب المستمرة ، والضمائر المستترة للمرجفين ، في بلد اقف الآن على اطلاله ، متسائلا وحزينا وفي قلوبي تساؤلات مريرة ، هل حقا توفي علي ابو الحياء متأثرا بجراحه ؟ ام قضي عليه لأنه الشاهد الحي على الخيانة والخونة في حادث اغتيال العقيد حسن دوبله قائد مقاومة حيس ؟ حيس التاريخ ، التي احتضنت طفولتك ، وحين عدت اليها بعد ان هجرت مليشيات الموت عائلتك منذ،3 سنوات منتصرا مفعما ببريق التحرير ، تحرير تهامة التي كنت ايقونتها وعدستها وعينها ونبضها حتى آخر نفس وقطرة دم . تصعقني الاسئلة المتقاطرة في ذهني عن الخونة الذين اغتالوا روحك الطاهرة الشاهدة على قتلة الحرية ، والتي اغتالت العقيد دوبله وعدد من رفاقه كنت انت احدهم إذ نجوت من الموت ؟ وحين بدأ البعض يتساءل عما حدث وكيف حدث ؟ فجعت بوفاتك المفاجئ بالنزيف الحاد الذي اصابك في القاهرة وانت لم تكن تعاني سوى من حروق ؟ هل انجز المعنيون في الساحل الغربي والقادة العسكريون تحقيقهم ، كيف قضى العميد دوبله ورفاقة وكيف توفي الشاهد الوحيد على جريمة الخونة ؟ .
‏ طويت صفحة ازهار عمرك يا صديقي ، وأنا أحرق كتاب العمر من بعدك ورقة ورقه وسطرا سطرا وكلمة كلمة ، بانتظار ان اشهد حقيقة الخونة الذين هم اخطر من جرب المليشيات ، التي يواجهها شعب يقاتل مليشيات الموت ، فيغرس الخونة انصالهم في صدر الحياة ، ليحتطف الخونة كل يوم منا اعز الناس واطهرهم واصدقهم دفاعا عن الوطن ، ‏انا لست مُجرد منهك وموجوع فقط ، أنا مقيم طيلة الوقت على شرفة دمعة اطل من خلالها لأشهد على ذلك الوجع الذي تركته في صحبك واصدقائك ،
رُبما أنت الآن بالجانب الآخر من العالم الخالد ، لاتعرف كم أنت حاضر في روح كل من عرفك ورافقك ، كم عين ذرفت في وداعك ، وكم قلب مكلوم ، وحشرجات في صدور تسأل كيف غادرتنا بهذه السرعة ؟
‏ّ إني لأعجب من مواصلة الحياة بيننا دون أن تشاركنا أشياءك ، تفاصيل يومك، حزنك، فرحك، إنتصاراتك، ابداعك ، خطوط يومك الكبيرة وتفاصيلك الصغيرة، واحلامك الكبيرة ، وأنا رغم وجعي بفراقك ، لا أستطيع أن أخطو خطوةً واحدة ، دون أن يعبُرني فيها صوتك وحرفك وايقاع كاميرتك التي كانت تعزف فينا امضى الصور وانصعها في رابعة وجودنا الاعلامي والصحفي في اليمن ،
دعني اقول لك ياصديقي,بأن الحيَاة لم تعُد كما كَانت ، ,بأن القلُوب التي في الصدور الحزينة لم تعد صافيَة ، بأن الزمن صار أسرع من ذي قبل ، بأن الدنيَا أصبحت حافلة بالخونة ، بأن الوقت يمضِي كالأثقال عَلى كُتوفنا ، لنتفق بأننا إقتربنَا للزوال ياصديقي ها نحنُ برحيلك ورحيل الاصفياء نبحث عن رحيل يليق بنا يشبه رحيلك ، الصادم الصامت الصائم ، يافاتحة شهر الصوم ، ومفتاح الشهادة الطاهرة ، ترجل ابو الحياء ، فارسا مفعما بالوطن حد الشهادة ، كما لو ان هذه البلاد مكدودة بوجع ترجل الانقياء من بيننا ، ونحن لا نملك سوى ان ندونهم كلمات لا تشبه هذا الوداع الكبير ولا تليق بتضحياتكم الكبيرة ..
‏أتمنى في المرة القادمة عندما أُخبر أحدًا بوجعي
‏أتمنى أن يسمعني أحد، دون أن تكسرني مواساته أو أندم لشفقته بي ، حين احدثه عن الفاجعة التي تركها رحيلك في قلبي يا صديق الحلم والامنيات
كنت ‏أتمنى أن لا اسمع خبر وداعك الاخير في حشرجتك صوتك المجروح ، دون أن يُريني آثار النزف باديا على جسدك ليشعرني بضعفي ..
مالذي يحدث ، اهو ‏موسم في هذه البلاد ؟ مفعم بارتقاء الاصدقاء وفراقهم دون تلويحة وداع .. ؟
لا بأس عليك يا صديقي بإمكاني أن أكون هادِئاً ،كأني لم أكن في ذلك البُكاء الذي سبق فطور اول يوم في رمضان .. حين جاءني خبر وفاتك كنبأ الفاجعة ..
كنت ‏ارغب في الحديث معك طويلا ،ً اريد إخبارك بأني اشتقت لك حقا ،ً لضحكتك لشغبك اللذيذ ، لتصويرك الانيق ، لم نكمل كل التفاصيل التي حكيتها لي عن الاوغاد في جبهة ميدي ، وعن الابطال في جبهة ميدي ، وعن تفاصيل كثيرة كنت اود كتابتها كسيناريوا فلم انت بطل تصويره ؟ من اين لي كل ذلك الارشيف الذي صورته ، حينما بدأت في الكتابة عن لغز ميدي وخيرة الابطال الذين ارتقوا كيف صارت النهايات ؟ كيف سأكتب تاريخا وفلما دون حدقاتك التي التقطت كل شيئ عن الرجال الذين رسموا بدمهم وطنا يستعصي على الانكسار .؟
الخوف من أن تكونَ وحيداً وانا هنا بين الحشود الحزينة من صحبك ، احكي لهم عن علي ابو الحياء ، عن دهشة الصورة وائتلاق الابتسامة والقلب الطيب .. ووهج الابداع ، ووجع الفراق .. أمسح دموعِي بعنفٍ وراء كلّ ألم يختلجني ، أخبر نفسي بالتّوقف عن الكتابة ، الكتابة نزف حين تكون عنك وامثالك ..
ها انا انتظرك ، ستعود مع وليد القديمي المسؤول الانسان ، وسنلتقي بعد الزيارة لصديق ، كان ذلك قبل 3 اشهر تقريبا ، اتفقنا ان نلتقي ولم نلتقي منذ تلك اللحظة ..
‏أنا ممّن يحتفون بالتفاصيل ، ثم لا يقولون شيئًا حين يباغتهم نبأ الوداع الاخير ، فيلجؤون للكتابة كإكسير حياة ، ومتنفس لصدور تتكوم بداخلها احزان العالم ، بالامس ، اول ايام الصيام ، قَبل أذان المغرب وقبيل ان افطر كنت ارفع كفي للسماء والهج يااا الله ، علي بين يديك ، شآبيب الرحمة تغشاه ، ولقتلته الفضيحة في الدنيا وبوم يقوم الاشهاد يحدث ان ‏يخذلك كل شيء مرة واحدة في يوم واحد ، في لحظة واحدة ، يكفي فعيناي غيمة ماطرة كتلك التي تحملها العاصفة المدارية وتوزعها على امتداد سواحل ومرافئ الخارطة اليمنية ، مدار غيابك المفاجئ كانت العاصفة التي رجفت لها قلوب صحبك واصدقائك واهلك ..
وداعا يا علي ابو الحياء ، فسلام عليك يوم كنت بيننا ، وسلام عليك يوم اصبت ، وسلام عليك عدد وجع وصرير قلب والديك ، وسلام حين وافتك الشهادة وانت متشبث بالوطن حتى آخر ايماضة عين ، ونبض نزف آخر قطرة دم مفعمة بالكرامة .
وداعا يالحبيب .. حتى ألقاك في حياة خالدة تليق بنا ، كتلك التي احتضنت روحك الطاهرة .

شاهد أيضاً

كيف حولت الألغام مواسم الأمطار إلى إخطار ؟

اقليم تهامة ـ إعلام مشروع مسام: لم تعد حقول اليمن ومزارعها وزراعها وفلاحوها ودوابها يستبشرون …