أخبار عاجلة
الرئيسية / الأخبار / أخبار محلية / مصلح الاحمدي يكتب عن : الجيش الوطني

مصلح الاحمدي يكتب عن : الجيش الوطني

كتابات ا ✍️ مصلح الأحمدي

الجيوش هي صمام أمان الشعوب والأوطان، وسلامة بنائها وصحة إعدادها كفيلٌ باستتباب الأمن والاستقرار والتوجه نحو التنمية والبناء والازدهار، ويضع حداً ـ كذلك ـ لأطماع الغزاة وتربّص المتآمرين. ولهذا فإن الأنظمة الحاكمة في الدول الواعية تولي جيوشها جل اهتمامها؛ إعداداً وتدريباً وتسليحاً، ومستحقات وحوافز.

عندما تُبنى الجيوش على أسس وطنية بحتة تمارس مهامها وتقوم بواجباتها من منطلق وطني بحت حفاظاً على سيادة الوطن وأمنه واستقراره، وعندما يتم العكس فإن النتيجة تكون عكسية كذلك، فالجيوش ذات الولاءات المتعددة يغيب عنها الهم الوطني وتنفّذ أوامر من تدين له بالولاء وهو عادةً الحزب الحاكم بعيداً عن المصالح العليا للشعب والوطن، كما أنها تمثّل عامل خوفٍ ومصدر قلق للمكونات الضعيفة والأحزاب المدنية التي لا تحظى بولاء وحدات أو ألوية عسكرية لحرصها على أن يكون ولاء الجيش لله ثم للوطن بمقتضى الدستور والقوانين النافذة، إلا أنها تصبح في نهاية المطاف عرضة لبطش هذه الجنرالات الخائنة، فالجيوش ـ والحال كذلك ـ هي من تقهر الشعوب وتصادر إرادته وتقف ضد آماله وتطلعاته، وقد عاشت منطقتنا العربية هذه الأحداث المأساوية في الثلاثة عقود الماضية في الجزائر ومصر واليمن وغيرها.

فالجيش اليمني ـ الذي يُعدّ من أقدم الجيوش في المنطقة ويحتل المرتبة (43) عالمياً والخامسة على مستوى الوطن العربي لعام 2013م بحسب موقع (جلوبال فاير باور) ـ لم يكن جيشاً وطنياً في مجمله كما لم يكن موحداً، فقد كانت قوات الحرس الجمهوري بعيدة عن الوطن والوطنية، حيث أُعدت خصيصاً للدفاع عن الكرسي (والزعيم) والأسرة ـ في ظاهر الأمر ـ والحقيقة أن ثمت أيادٍ خفية كانت تعمل في أوساط هذه الوحدات لتوجيهها بعيداً عن أيدلوجيا الشعب وحدود الوطن، وكان نصيب الرئيس الراحل منها الاستعراض والاحتفالات وحضور دورات التخرج.. إلخ. وعلى الرغم من كون هذه القضية ـ ملكية صالح للحرس الجمهوري ـ كانت من المسلّمات حينها لدى المعارضين والمؤيدين، ناهيك عن العميد (أحمد وأبوه صالح وأخوه خالد)، إلا أن الوقائع أثبتت خلاف ذلك، إذ أن تسليم مؤسسات الدولة ومعسكراتها وأسلحتها بتلك الصورة لم يكن نتيجة تلقّي الأوامر العسكرية من (الفندم) بل كان نتيجة رغبة جامحة للتمكين للمشروع الإيراني في اليمن، كانت هذه الرغبة محصلة لسنوات من الإعداد والتربية و(الغسيل)، ولا أدل على ذلك من مصير صالح نفسه عندما تركوه وحيداً وانفضوا من حوله ليلقى مصرعه بتلك الصورة.

على إثر تلك الأحداث المأساوية ـ الانقلاب وما تلاه ـ تتداعى الوطنيون من الأفراد والضباط الذين انحازوا للوطن ورفضوا الانقلاب أولئك الذين لا زالت الوطنية حية وحيوية في مشاعرهم ووجدانهم نتيجة لجهد الجنرال علي محسن ورفاقه بالإضافة إلى صحوة ضمائرهم وسلامة فطرتهم – تداعوا لتأسيس الجيش الوطني في وقتٍ قياسي، فلم ينتظروا (ذهاب السكرة وحلول الفكرة) كما يقال، بل تخلصوا من الأولى وتبلورت الثانية في الضرورة الملحة لتأسيس الجيش مهما كانت القدرات ضعيفة والامكانيات شبه منعدمة لإنقاذ الشعب والوطن من كارثة الانقلاب المشؤوم. وقد لبى أولئك الأبطال الدعوة التي أطلقها الفريق الركن محمد علي المقدشي للأحرار من القوات المسلحة وكان لهم الفضل بعد الله سبحانه في تأسيس نواة الجيش الوطني، ليتوالى بعدها الشباب عسكريون ومدنيون وبدأت تتشكل وحدات الجيش هنا وهناك والألوية العسكرية، وأصدر رئيس الجمهورية قرارات تعيين قادة المناطق العسكرية، وبدأ الجيش الوطني مسنوداً بالمقاومة الشعبية والتحالف العربي يحقق انتصارات في الكثير من الجبهات وحرر معظم أراضي الوطن.

سطّر أبطال الجيش الوطني بطولات عظيمة وقدموا تضحيات جسام في الشجاعة والثبات والتحمل في كل المواقع والجبهات، فعندما كان اليأس يستوطن حواس ومشاعر البعض، كان أبطال الجيش الوطني يتواصون بالصبر والثبات ويقسمون على تحقيق النصر الشامل.

الجيش الوطني هو من حقق التوازن أولاً ورجّح الكفة ثانياً، وسيحقق كامل الانتصار عاجلاً غير آجل بمشيئة الله.

أبطال الجيش الوطني هم من يحدّدون طبيعة المفاوضات ولغة الحوار وموقف المفاوض.

الحكومة الشرعية لا تتواجد إلا في المناطق المحررة بتضحيات الجيش الوطني، والمسؤولون لا يزورون الجبهات إلا نتيجة سيطرته، وخطوط النقل لا يُستفاد منها إلا بعد إفادته، كما أن الانقلابيين لا يخشون أياً من مكونات الشرعية ولا يخشونها مجتمعة خوفهم من الجيش الوطني.

الكل يتطلع لدخول صنعاء، ويردّد: لا بد من صنعاء وقادمون يا صنعاء.. والحقيقة أنها لن تصلها الشرعية حتى يدخلها الجيش الوطني.

أشاوس الجيش الوطني في كل الجبهات يتعرضون ـ أحياناً ـ لظروف قاسية ومواقف عصية.. يقع أحدهم في الحصار فينقطع عنه كل شيئ إلا الهواء، فلم يفت ذلك في عضده شيئاً، ويتأخر عنهم زادهم لساعات طويلة.. فيكون صبرهم أطول، وتنتهي على البعض الذخيرة في خضم المعركة، فيعجز عدوه عن معرفة حاله، ويصابون بجراحات متفاوتة فيحمل خفيف الجراح من أصابته أخطر حيث لا وسيلة مواصلات بل لا طريق أصلاً في بعض الجبهات.

يقاسون شدة الحر وزمهرير البرد وشظف العيش وسوء الحال.. إلا أنهم ثابتون ثبات الرواسي وهممهم تناطح الجوزاء وعزائمهم تضاهي الفولاذ.

يواجه الجيش الوطني عدواً متجرداً عن أخلاق الحروب.. بإمكانياتٍ وأسلحةٍ غير كافة.. واهتمامٍ دون المستوى المطلوب من الجهات المعنية.. علاوة على (الخاطئة) وسخرية وتندر من يجهلون طبيعة المعركة وحقيقة الواقع، ومع ذلك فهم لا يمنّون ولا يئنون ولا يلومون. وهذا يفرض علينا جميعاً دون استثناء دعم ومساندة الجيش الوطني كل من موقعه ووظيفته وفقاً لقدراته، فالجيش الوطني..هو الأمل الوحيد في وطني! طالما وهو يقدم أغلى ما يملك فداء لوطننا الغالي.. فوطننا (ضمير يسكننا .. لا أرضاً نعيش عليها).

شاهد أيضاً

مأرب.. 30 طالبة جامعية يختتمن دورة في ثقافة السلام

اقليم تهامة ـ مارب: خاص اختتمت اليوم في محافظة مأرب دورة تدريبية لـ 30 طالبة …