أخبار عاجلة
الرئيسية / الأخبار / أخبار محلية / د . مروان الغفوري : ثمة نار في حضرموت

د . مروان الغفوري : ثمة نار في حضرموت

✍️ د مروان الغفوري
اشتعلت حرب عدن الأخيرة، وانتهت بهزيمة الطرفين، تاركة فرصة واسعة لادعاءات النصر.
في جوهر تلك الحرب يسكن جمر مناطقي. بقيت الحكومة ومعسكراتها قائمة،

بقي المجلس الانتقالي ومعكسراته. أما القتلى والجرحى فكانوا بالعشرات،

ينتمي أغلبهم إلى محافظتي أبين والضالع. الوثائق الشخصية للقتلى شرحت المعركة، وكشفت طبيعتها البدائية.

في اللحظات تلك، وقد تنكرت الضالع في زي الاستقلاليين الأبطال ولبست أبين بزات الجيش المهيب،

واصلت صفحة محافظ حضرموت، وهو جنرال كبير، متابعة تحركاته. كان يفتتح مدرسة ثانوية للفتيات في فوة على أطراف مدينة المكلا.

بحسب المصادر المحلية،
وكما هو مكتوب على لوحة جدار الأساس، فإن المدرسة تتألف من 18 فصلا مع مرافقها وبتمويل كامل من السلطة المحلية.
في اليوم نفسه وضع الجنرال البحسني، وهو يرتدي الزي المدني، حجر الأساس لبناء ستة فصول دراسية في مدرسة صلاح الدين في فوة. مرة أخرى: بتمويل محلي من قبل سلطات المحافظة.
في العام 1994 فر الجنرال البحسني من حضرموت إلى السعودية. خسر جيش “جهمورية اليمن الديموقراطية الشعبية” المعركة
لجملة أسباب منها الكثافة العددية الرهيبة للجيش القادم من الشمال وانضمام أغلب قبائل الجنوب إلى ذلك الجيش، فضلا عن نجاح صالح وحلفائه في صناعة بعد ديني لحرب يديرها من الطرف الآخر قادة ماركسيون. في السعودية عمل الجنرال البحسني في محطة بنزين لفترة من الزمن،

ولم يبع زيه العسكري أو شرفه لأحد كما فعل المنتصرون والمهزومون على السواء. يبدي محافظ حضرموت، البحسني، ديناميكية لافتة بأقل قدر من الضجيج، وبلا حديث في السياسة.
تقول صفحة المحافظ إن هذه الحركة كلها حدثت في الـ 14 يوما الماضية. ثمة قيمة مشتركة في كل تلك الأخبار: إصرار المحافظ على ترك أثر يقول إن السلطات المحلية هي من ينفق على تلك المشاريع وأنها ليست في قبضة أحد. وبخلاف الخطاب المبتذل القادم من عدن ومأرب، حيث تصبح حتى الجملة النحوية برعاية التحالف، فإنك لن تجد صورا وأعلاما وأناشيد لدول التحالف العربي في صفحة البحسني. ترصد الصفحة لقاءات المحافظ بقيادات التحالف، وتقدم خبرا عن الشراكة والصداقة. ثمة،

في صفحة الجنرال البحسني، تأسيس للغة ندية، مستقلة، ومعتمدة على ذاتها.
ما أشرتُ إليه في الأعلى لافت ومثير. نحن بإزاء أنوار قادمة من أقصى الشرق. في العاشر من فبراير الماضي أصدر المحافظ بيانا قال فيه إن يوم الـ 11 من فبراير يوم عمل. كان بيانا محايدا بالمعنى السياسي، لم يقل أكثر من أنه يوم عمل. لم أعثر على خبر واحد، على كثرة ما تنشره صفحة المحافظ،

يتحدث عن المؤامرات الخارجية والأعداء. الأعداء الذين طلب المحافظ من فريقه محاصرتهم هم “المستثمرون غير الجادين”، وفقا لكلمات المحافظ نفسه. في يوم الثورة، ويوم العمل، احتفل شباب فبراير في قاعة كبيرة في المكلا، مجدوا ثورتهم وأطلقوا الأناشيد، وعادوا. تنجز حضرموت سلامها الخاص، لا صدام ولا استيهامات. وبذكاء تستفيد من كل التناقضات الحاصلة، فهي تعرف ماذا تريد.

عندما انفجرت النسخة الثانية من حرب يناير أصدر بن حبريش، رئيس مؤتمر حضرموت الجامع، بيانا يطالب فيه المتصارعين بالرجوع إلى العقل. شيئا فشيئا تصبح الصورة القادمة من غرب الجنوب، من عدن وحزام البادية المحيط بها، صورة غير عاقلة. كما يمتلك الشرق، حضرموت على وجه الخصوص، شخصيته ويستعيد ذاته. إذا استمرت عجلة حضرموت بالدوران بهذه الديناميكية اللافتة فستغير المعادلة السياسية في كل الجنوب. القليل من السياسة، القليل من الأوهام، النأي بالنفس عن خوض صراعات ذات طابع دولي، الكثير من الاقتصاد، التركيز على البنية التحتية، إنعاش المجتمع حتى يصبح فاعلا، وكبح جماح “غير الجادين”، وضرب الفساد في وقت مبكر، ذلك ما يصنع فارقا، ويجعل الفارق يتسع مع الأيام.
الأخبار المنشورة من حضرموت، كما الشهادات المدونة، تؤكد أن قوات النخبة الحضرمية استطاعت احتواء المسألة الأمنية. مؤخراً، وهذا أمر غاية في الأهمية، انضمت النخبة الحضرمية إلى كشوفات الجيش الوطني وأصبحت رواتبها مسؤولية حكومية. أيضاً توازن الصراع الإماراتي ـ السعودي على حضرموت، ويبدو أنها قسمت بطريقة مرضية للطرفين.

ففي حين تسيطر السعودية على الجزء الأوسع من حضرموت، الوادي، حصرت الإمارات نفسها في الساحل، في مناطق النفوذ التي تريدها.

عسكريا يقع جزء من حضرموت في نطاق المنطقة العسكرية الأولى، وجزء آخر في نطاق المنطقة الثانية. تتحرك السلطات المحلية حتى الآن بطريقة مدروسة، كما يبدو، واعية بالتناقضات والصراعات الكامنة. إنه طريق عسير. ربما أدرك البحسني، بحساسيته العسكرية، أنه يتحرك في ساحة تحكمها الانفعالات أكثر من الاستراتيجيات،

وأنه سيكون بمنأى عن الغدر والخديعة إذا ترك كل السياسة جانبا وانصهر بمواطنيه. ثمة نار تعمل في حضرموت، توقد كل شيء على مهل. وإذا لم يطفئها العربُ فإنها ستصنع أكواما كبيرة من الطوب، وسيبني منه كل اليمنيين.

.

شاهد أيضاً

وكيل محافظة مأرب يتفقد نقطة الفلج على طريق مأرب- البيضاء ويؤكّد جاهزيتها لتسهيل العبور منذ 3 أشهر

اقليم تهامة ـ مارب تفقد وكيل محافظة مأرب الدكتور عبدربه مفتاح، اليوم، ومعه مدير عام …