اقليم تهامة ✍️ د. مصلح الأحمدي
منح مجلس الأمن الدولي الشرعية اليمنية قراراً من أربعة أرقام، ومنح الحوثيين أربعين تسهيلاً؛ الشرعية عضّت على القرار الأممي بالنواجذ؛ تتغنى به ليل نهار وتردده سراً وجهاراً. القرار الأممي ـ على أهميته ـ ينضاف إلى مئات القرارات المتناثرة بطول الكوكب الأرضي وعرضه والتي لم يُطبق منها قرار واحد؛ لأن هيئة الأمم المتحدة وملحقاتها كافة لم تُنشأ لحل النزاعات وإنصاف المظلومين وردع الطغاة؛ كونها أداة الإمبريالية العالمية؛ التي عمدت إلى إنشائها لشرعنة جرائمها بحق الدول والشعوب الضعيفة؛ فمن يرتجي من هذه الأدوات الموجَّهة حلاً أو يفكر في موقفٍ حازم؛ فهو يرجو المستحيل ويسعى نحو السراب:
ومكلّف الأيَّامٍ ضدَّ طباعها متطلّبٌ في الماءِ جذوة نارِ
وإذا رجوتَ المستحيل فإنما
تبني الرَّجاء على شفيرٍ هارِ
نعود لموضوع الغدر والعذر؛ فحين يظهر غدر الحوثي صلباً عميقاً؛ تأتي أعذار الشرعية سطحية هشة؛ مع بالغ الأسف. نقول هذا الكلام بعد قرابة عقد من الزمان والشعب صابر محتسب، يُؤمّل ويتمنى.. يرجو ويتطلع لتغيير الموقف وتغليظ لغة التخاطب والاتجاه نحو التحريض على القتال؛ إلا أنّ ذلك لم يتم وفقاً لآمال الشعب وتطلعاته.
تم فتح المطارات والموانئ للحوثي، واعتماد جوازات السفر الصادرة من صنعاء، وإرسال المساعدات النقدية بملايين الدولارات إلى صنعاء، تواطؤ المجتمع الدولي مع الحوثي في رفضه للعملة الوطنية، سيطرته على الاتصالات وشبكة النت وما تمثّله من خطورة، تعامل المجتمع الدولي مع حكومة الانقلاب في قضية صافر؛ والقائمة تطول.
لا يكتفي الحوثي بما يُعطى من تسهيلات وامتيازات؛ بل يذهب للغدر بالشرعية والشعب عموماً؛ فبعد فتح الموانئ والمطارات غدر بالشرعية واستهدف موانئها ومنشآتها الحيوية؛ واستورد المشتقات النفطية من إيران، وعندما تُركت له الاتصالات وشبكة الانترنت؛ استغلها في التجسس على بعض القيادات العسكرية والمدنية في الشرعية لاغتيالهم، ولا يختلف الحال مع منح جوازات السفر؛ حيث وظفها لاستقدام خبراء الاغتيالات وتسفير عناصره لتدريبهم لذات المهمة.
غدرٌ وفجورٌ ونكثٌ وكذبٌ وتضليلٌ؛ توارثها الحوثيون كابرٌ عن كابر، يعاملون بها قيادة الشرعية والشعب عموماً في كل القضايا والمواقف والمحافل..
بالمقابل تطالعنا ما بين الحين والآخر تبريرات الشرعية والحديث عن حرصها على تحقيق السلام والعودة إلى الوفاق؛ وكأنها تتحدث عن حزب سياسي عريق لديه تراكمات ديمقراطية وقيمٌ وطنية وضميرٌ إنساني، نست ـ أو تناست ـ أن العصابات المليشاوية لا تؤمن بحوار ولا تفكر في ديمقراطية ولا ترقب في مؤمنٍ إلاً ولا ذمة؛ إنها تعتقد وجود أدلة من الكتاب والسنة تثبت (سيادتها) وتؤكد (عبودية) الآخرين لها! فالحكم حقها والثروات لها؛ تأخذ الخُمس بآية والبقية بقانون! مؤسف جداً أن نسمع تصريحاتٍ لقياداتٍ عليا في الشرعية ـ بصورة دائمة ـ تستجدي فيها المجتمع الدولي للقيام بأدوار هي في الأصل من صميم أعمال قيادة الدولة ومؤسساتها الشرعية؛ فتظهر مناشدات ـ بلغة سقيمةٍ عديمةٍ ـ أمثال: (نطالب المجتمع الدولي باستمرار الضغط على الحوثيين )، (ما زلنا نعوّل على الضغط الأوروبي على الحوثيين)، (على المجتمع الدولي أن يضغط على الحوثيين)؛ ويبدو أن هذه العبارات قد تم تعميمها على قيادات الشرعية كافة!
أيها القادة (العظماء): الشعب ينتظر غضبتكم الفاصلة وهو على استعدادٍ تام لتحمل تبعاتها أياماً معدودات؛ أفضل له من استمرار غدر الحوثي لبضع سنين.