الرئيسية / الأخبار / أخبار محلية / هل هو عامل قوة أم مؤشر ضعف: الدعوات الحوثية للمصالحة مع الإصلاح.. المسلسل الكوميدي المكشوف

هل هو عامل قوة أم مؤشر ضعف: الدعوات الحوثية للمصالحة مع الإصلاح.. المسلسل الكوميدي المكشوف

اقليم تهامة – متابعات

بمناسبة وبدون مناسبة، تطل علينا بين الفينة والأخرى دعوات حوثية للتصالح مع الإصلاح، هذه النغمة المكررة لا تصدر من فراغ، فخلف هذا الإصرار الحوثي على مواصلة ترديد هذا الخطاب المستهلك، تكمن دوافع كثيرة. ويمكن القول إن مجمل دوافعه تتجلى في محاولته تجسيد براجماتية مكشوفة في تعاطيه مع الملفات السياسية ومنها ملف التعاطي مع حزب الإصلاح، العدو اللدود له، والخصم الأكثر شراسة في الحضور الميداني ضده.

وعلى عكس الأهداف التي تعلنها الشخصيات الحوثية الداعية للمصالحة، فإن الهدف الحقيقي والأساس يتمثل في محاولة التشويش على المواقف الوطنية لحزب الإصلاح، فيما يتعلق بموقفه الصارم والواضح من جماعة الحوثي وثباته المنهجي في التعاطي مع الحركة الانقلابية منذ البداية.

مؤخرًا تكرر ذات الخطاب الحوثي، وهذه المرة جاءت الرسائل على شاكلة رد لعضو في المجلس السياسي للحركة الانقلابية، والرد كان على تصريح لنائب رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح، عدنان العديني.

وقد تضمن رد القيادي الحوثي إشارات كثيرة، سنحاول الوقوف على أهم ما جاء فيها في هذه العجالة، وتفكيك مغزاها وتوضيح ألاعيب المنطق الحوثي ومقاصده من هذه الرسائل التي تتوالى في مواقف كثيرة وتكاد تهدف كل مرة لذات الغرض، مع اختلاف أساليب الصياغة والمحتوى الذي تلعب عليه الجماعة.

الأهداف المبطنة من دعوات المصالحة

على الرغم من عدم اكتراث الإصلاح لكل الدعوات السابقة التي وجهتها جماعة الحوثي للحزب، ولو بشكل غير مباشر، إلا أن هذا لم يدفع جماعة الحوثي للكف عن مواصلة دعواتها للمصالحة معه، وخلف هذا الإصرار العجيب تتجسد الدوافع الحوثية من هذه الدعوات، فهي تعلم مسبقًا استحالة أن يتجاوب معها الحزب وأن يخوض أي شكل من أشكال المصالحة الأحادية مع الجماعة، إلا أنها تواصل بث رسائلها بصيغ مختلفة، مضامينها تكشف عن أهدافها الخفية من هذه الدعوات.

ويمكننا القول إن الهدف الأول هو خلق حالة اضطراب إعلامية وجلب الجميع لمربع الحديث عن إمكانية حدوث أي نوع من المصالحة. وهدف آخر هو محاولة اختراق الصورة الصلبة في مواقف حزب الإصلاح ضد الجماعة الحوثية وتصدير أجواء ضبابية حول سياسة الحزب الثابتة تجاه الانقلابيين، وبهذا تتوهم الجماعة الانقلابية أنها قد نجحت في تشويش موقفه ولو على المستوى الإعلامي، وذلك عن طريق تكرار دعواتها له بالمصالحة.

وحتى لو كانت الردود التي يدلي بها أعضاء رسميون في الحزب حاسمة بخصوص هذا الموضوع، إلا أن الحوثي في قرارة نفسه يستشعر عدم وجود أي إمكانية لتجاوب الحزب معه، لكنه بالأخير لا يكترث لهذا طالما أن هدفه المبطن من الدعوات سيتحقق لمجرد أنه تمكن من إثارة زوبعة ما، يبث عبرها الشقاق في اوساط الصف الوطني، محاولا توسيع الهوة والاصطياد في الماء العكر، وتلك أقصى غاية يتمناها.

تناقض فاضح بين خطاب “المصالحة” وسلوك الجماعة

في حديث بعض قادة الجماعة الحوثية عن استعداد جماعتهم للشراكة والمصالحة مع حزب الإصلاح، يؤكدون على أن رفض حزب الإصلاح للتقارب والشراكة مع جماعتهم هو منطق عدمي، يفترض ديمومة الصراع ويسد أفق الحل السلمي. لكن الرد جاء سريعا ومن الجماعه نفسها، فقد أصدرت الجماعة- في اليوم التالي مباشرة لدعوة احد قادتها الاصلاح للتصالح والشراكة – وعن طريق محكمة تخضع لسيطرتها، أحكامًا بالإعدام على 30 مواطنًا يمنيًا، وجميعهم أعضاء في حزب الإصلاح، لتؤكد الجماعة بهذا السلوك من هو الطرف الذي ينتهج سياسة عدمية ضدّ اليمنيين جميعًا، يفعل الشيء ونقيضه، ويدعو للشراكة ليلا ويشهر سيفه في الصباح لذبح الناس، ثم يستغرب عدم موثوقية الناس به وعدم استعدادهم لخوض أي نقاش معه حول دعواته الزائفة للشراكة، مع استمرار سلوكه المتوحش ضد اليمنيين بهذه الصورة الفاضحة.

تجارب اليمنيين في الشراكة مع الحوثي

لقد خبِر الجميع، وعبر سنوات عديدة، من تجارب العهود والمواثيق مع هذه الجماعة، أنها لا تلتزم باتفاق قط، وأنها تتخذ هذا السلوك كأسلوب مناورة، وفي أقرب فرصة تشعر فيها بأنها قادرة على تجاوز المواثيق، تفعل ذلك حتى دونما حاجة لمبرر، وما منطق الدعوات للمصالحة مع حزب الإصلاح سوى استمرار لسياسة الفهلوة التي تنتهجها هذه الجماعة لأهدافها الخاصة، وليس إيمانًا منها بمنطق الشراكة.

ولعل أقرب مثال لهذا نكوصهم عن اتفاق “السلم والشراكة” الذي كان الإصلاح جزءًا منه، وانقلبت عليه الجماعة الحوثية صانعة كل هذا الخراب الكبير. وها هي الجماعة نفسها التي يحفل سجلها بالغدر بكل طرف ترتبط معه بميثاق شراكة، سواء على مستوى العهود والمواثيق الاجتماعية التي وقعتها عشرات المرات مع قبائل ومشايخ وجهات في المجتمع طيلة مسيرتها الإجرامية، أو المواثيق على مستوى علاقتها بالسياسة والدولة والأطراف السياسية جميعها، لا تخجل من دعوة حزب الإصلاح للشراكة والمصالحة، في الوقت الذي ارتكبت ضده وما زالت كل أنواع القمع لأنصاره وقياداته والتجريف الممنهج لكل ممتلكات الحزب ومقراته ومؤسساته، ثم تخاطبه وكأن شيئا لم يكن. 

إضافه لما سبق، وكمثال أخير لغدر هذه الجماعة، هو علاقة شراكتها بالمؤتمر الشعبي العام، ثم قتلها لرئيسه، إلى آخر ما هنالك من مسلسل الغدر الطويل الذي تتخذه هذه الجماعة كمنهج، ثم لا تكف عن مواصلة عرض استعدادها للشراكة مع آخرين، وكأن الناس بلا ذاكرة ولا يستوعبون دروس التاريخ القريب وتجاربهم الصادمة معها.

الدعوة للمصالحة.. عامل قوة أم مؤشر ضعف؟

حين تدعو جماعة مسلحة للشراكة فهذه الدعوة ليست دليل قوة، بل نتاج ضعف، فمن يرى قوته في السلاح لا يمكنه الخضوع لشراكة، وأما حين يدعو لها -ولو زيفًا- فهو يفعل ذلك من باب المناورة أولا، ومن جهة ثانية يعكس تضعضع قوته وشعوره بالمأزق الوجودي الذي وصل له والعزلة التي تعيشها جماعته.

طريق المصالحة الوحيد

مع إيمان الجميع أننا أمام جماعة دينية ذات عقيدة قتالية متوحشة، تؤمن بأحقيتها في الحكم وتتخذ السلاح وسيلة منهجية للوصول لأهدافها السياسية، وهي أهداف تعتبرها حق حصري لها، وليس للآخر أي أحقية بها، الأمر الذي ينقض دعواتها للشراكة من جذورها، ما دامت تتمسك بهذه المنطلقات العقدية، فعن أي شراكة تتحدث، وأي مصالحة ممكنة الحدوث مع جماعة تعاني أزمة بنيوية عميقة في نظرتها للعمل السياسي وفي تصوراتها عن السياسة والحكم.

لكن، وبصرف النظر عن الحقائق النظرية السابقة فيما يخص طابع الجماعة الحوثية، فإذا ما أرادت الجماعة سلامًا ومصالحة حقيقية، فهناك طريقة واحدة لها، وهي أن ترفع السلاح عن صدور الشعب، وتعيد سلاحه، ثم تعتذر عن حربها التي دشنتها ضده، وتتوجه بخطاب سلام إليه، بعدها ليكن حوارا شاملًا تتخلى فيه الجماعة عن منطق القوة، وتعود كجماعة من ضمن المجتمع وليست حاكمة له ولا مهيمنة عليه.

في حالة كهذه، من الطبيعي أن يكون الإصلاح جزءًا من الشعب ويخوض مع الجميع نقاشًا حول الشراكة والمصالحة. وحاليا هناك سلطة شرعية تمثل الشعب، ويمكنكم أن تتخاطبوا معها بعد أن تثبتوا جديتكم بسلام حقيقي وليس فهلوة انتقائية للاستهلاك الإعلامي في مواقع التواصل الاجتماعي تجاه هذا الطرف أو ذاك.

شاهد أيضاً

ورشة تدريبية لمكون السلم المجتمعي بمأرب حول أساسيات التخطيط الاستراتيجي

اقليم تهامة ـ مأرب- خاص بدأت اليوم في مدينة مأرب، ورشة عمل تدريبية لأعضاء مكون …