اقليم تهامة – كتابات ا احمد عبدالملك المقرمي
بنو أنف الناقة! تلك تسمية لحقت بعشيرة من عشائر العرب عانى أصحابها بسبب هذه التسمية الكثير؛ لأنها كانت مثار سخرية و ازدراء، والسبب في ذلك أن جدا لهم نحر ناقة فوزعها بين أبنائه و نسي أحدهم، الذي جاء و لم يعد عند أبيه غير رأس الناقة، فتأسف له أبوهو أعطاه الرأس، فأمسك بأنف الناقة و مضى به،فرآه الناس، فأطلقوا عليهم هذه التسمية المؤذية، حتى مر بهم – يوما – الشاعر الحطيئة المشهور بشعره الهجائي، فإذا هو يجد الحفاوة و كرم الضيافة عند هذه العشيرة، فقال فيهم بيتا من الشعر قلبت الأمر رأسا على عقب، إذ أمسك بالتسمية التي هي محل السخرية؛ ليحولها الى مفخرة، حيث قال :
قوم هم الأنف و الأذناب غيرهمُ
و من يسوّي بأنف الناقة الذّنَبَا
فإذا التسمية التي كانوا يتوارون منها – بنو أنف الناقة – خجلا، و يطلقها عليهم غيرهم سخرية و انتقاصا؛ و قد أصبحت شرفا و مكانة و مقاما :
و من يُسوّي بأنف الناقة الذنبا !؟
لقد غدت التسمية اسم مفخرة و شهرة. إنها قوة الكلمة، فبيت شعري واحد طار به الناس طوى المسافات و اقتحم كل المناطق و القبائل و غير النظرة عند كل الناس .
هذا موقف يوضح ما للكلمة من أثر، و ما للإعلام من دور في تغيير القناعات و تشكيل الرأي العام منذ قرون.
لكن الأهم أن يكون لهذا الإعلام رسالة لها غاياتها و أهدافها، و تزداد أهمية هذا الدور و الرسالة كلما زادت حاجة الأمة أو المجتمع للدور الإعلامي الذي يوظف أداءه لسد ذلك الاحتياج.
و حاجة اليمن هذه الأيام للدور الإعلامي الرائد في مواجهة المشروع الظلامي للكهنوت و تعريته و فضح مساوئه لا تقل عن الحاجة للدور العسكري في خطوط التماس و جبهات المواجهة.
و إزاء الظروف التي نعيشها يتملك كل حر الذعر و الحسرة، عندما تتحول أقلام البعض، أو صفحات و مواقع التواصل الاجتماعي إلى ملاسنات بينية و مناكفات جانبية، تصل إلى حد التفرغ لبعضهم البعض بصورة مستمرة، و لا يتعرضون للكهنوت إلا قليلا، و المأساة تبلغ ذروتها عندما تسخر إمكانات (رسمية) لتمويل مثل تلك المهارشات!!
و تعالوا ننظر عندما اقتربت معركة الحسم من مدينة الحديدة و كيف قامت الدنيا و لم تقعد، و تم تحريك بعض منظمات حقوقية و دولا كذلك للتباكي على( توهم ) حدوث كارثة إنسانية محتملة، و برزت حملات ووسائل إعلامية، سكبت فيها من الدموع ما أثار استغراب التماسيح!
و أمام تلك الظروف الاستثنائية التي تمر باليمن- بسبب الانقلاب – يطرح الواقع المَعِيش سؤالا لإعلاميي و ساسة الشرعية على حد سواء، و لإعلاميي تعز بوجه خاص : أن تعز تعيش حالة حصار منذ أكثر من ثلاث سنوات، فهل استطعنا عرض هذا الحصار و الوصول بقضية و مأساة تعز إلى العالم، و إلى الأمم المتحدة و مجلس الأمن الذي تخلو تقارير و إحاطات مبعوثي الأمم المتحدة- رغم تعددهم – من أي ذكر لما تعانيه تعز من حصار ؟
صحيح أن هناك من يُسخّر جهده و قلمه لمناصرة استعادة الدولة و إلحاق الهزيمة بالانقلاب الكهنوتي، لكن يبقى هناك البعض يغردون خارج السرب بخفة و نزق يضر و لا ينفع. فهل آن الأوان ليتحمل الجميع مسؤوليتهم تجاه الفرض الذي لا ينبغي أن يسبقه واجب، فيتجه الجميع لمواجهة المشروع الكهنوتي بتفريغ كل الجهود و في كل المجالات العسكرية و السياسة و الإعلامية لمواجهته؟